لعب ونمو: فوائد النشاط البدني للأطفال

شارك عبر

لعب ونمو: فوائد النشاط البدني للأطفال.. هل تدرك أن اللعب هو أكثر بكثير من مجرد مصدر للمتعة والتسلية للأطفال، اذ يمكن أن يكون أداة للتعلم وفهم العالم الذي يحيط بطفلك، ومحفز قوي لخياله! أثناء اللعب يبرز الطفل تفكيره ومشاعره، ويُعطي فرصة كي يستوعب عالمه، ويكتشف ويطور نفسه، ويطور علاقات شخصية مع المحيطين به من خلال تقليد الآخرين. فالأطفال بدورهم لديهم شغف مفرط بالألعاب واللعب.

نستكشف في هذه المقالة فوائد اللعب والنشاط البدني للأطفال وتأثيره على نمو وتطور الطفل.

لعب ونمو: فوائد النشاط البدني للأطفال

يعتبر النشاط البدني للأطفال واللعب ظاهرة اجتماعية لها أهمية كبيرة في تكوين شخصية الطفل، لذا يعد اللعب مدخلاً أساسياً لنمو الأطفال معرفياً، وعقلياً، واجتماعياً، وانفعالياً، وحركياً. ويسهم في توفير فرص التفاعل الاجتماعي والنضج الانفعالي للطفل، فبدون اللعب مع الآخرين يصبح الطفل أنانياً، ومسيطراً، وضيق الأفق، وغير محبوب. فاذا تعود الطفل اللعب مع الأخرين فإنه يتعلم الأخذ والعطاء، ويتخلص من حالة التمركز حول الذات. كما يتعلم كيف يتبادل الأدوار وكيف يتقبل الهزيمة بنفس الروح التي يتقبل بها المكسب.

وبما أن الطفل يولد كائناً ضعيفاً عاجزاً يحتاج لمن يرعاه، وأولى أوجه عجزه تظهر في عدم مقدرته على التوفيق مع الآخرين والتعاون معهم بالأخذ والعطاء، فإنه يتعلم تلك المهارات ويكتسبها تدريجياً كلما تقدم بالعمر من خلال اللعب والألعاب، وكذلك الأبوين أيضاً. حيث أن اللعبة الأولى للطفل تكون جسمه فهو يلعب بصوته، وبيديه، وبأقدامه بالإضافة إلى ما توفر له البيئة المحيطة به من مصادر لعب.

فالطفل لا ينمو من تلقاء نفسه بل ينمو ويتطور ويرتقي من مرحلة إلى أخرى بقدر ما تتيح له البيئة الاجتماعية المتمثلة في الآباء، لأن ألعاب البيت في شكلها ومضمونها ما هي إلا انعكاس لثقافة الأسرة وأسلوب حياتها في العيش والتفكير من جهة، وحث الطفل عن نفسه وشخصيته ودوره في الأسرة من جهة أخرى، فهي تسعى لتحقيق ذاته بالقدر الذي تساعده على المعايشة السليمة، والتفاعل الحيوي بين أفراد الأسرة الذي يوصله إلى درجة من النضج الاجتماعي. وهذا يوضح دور الأسرة نحو تدعيم اللعب والألعاب للطفل لأنها العالم الأول الذي يستقبله.

مفهوم اللعب

تعددت الآراء حول مفهوم اللعب أو النشاط البدني للأطفال، حيث ركز كل اتجاه على جانب من جوانبه، فهناك من يرى أن اللعب و النشاط البدني للأطفال نشاط تعليمي تربوي. وهناك من يرى انه نشاط ذاتي تلقائي وترفيهي. و يرى آخرون أن اللعب سبيل الى فهم الطفل لذاته وقدراته. وهناك أيضاً من يرى أن باللعب يتفاعل الطفل مع غيره ومع العالم الخارجي. ويري فروبل Frobel وهو مؤسس رياض الأطفال أن اللعب هو أسمى تعبير عن النمو الإنساني في الطفولة، وهو التعبير الحر الوحيد عما يدور داخل الطفل الصغير، وهو أساس النمو الكلي المتكامل للطفل.

فوائد النشاط البدني للأطفال وتأثيره على النمو

من فوائد النشاط البدني للأطفال يبدأ الطفل بالتعرف على الأشياء وتصنيفها ويتعلم مفاهيمها نظراً للعلاقة الوثيقة بين لعب الأطفال وتفكيرهم، فقد أكدت جميع النظريات الحديثة للنمو العقلي أن أصل الذكاء والتفكير الإنساني يكمن فيما يقوم به الطفل الصغير من نشاط وحركة ولعب. فمن هنا لا ننكر أهمية اللعب في صقل شخصية الطفل وربط تجربة اللعب مع وظائف عديدة كالتطور اللغوي والعاطفي والنضج العقلي. كما يقوم الأطفال عند اللعب بفعل نفس الأشياء مراراً وتكراراً. وهذا التدريب المتكرر يسمح لهم بالتعلم وتطوير ثقتهم بأنفسهم. وماذا أيضاً؟ 

  1. إن اللعب الحركي النشيط ضروري لنمو عضلات الطفل عن طريق النشاط الحركي سواء عند تناوله للأشياء ووضعها بعضها فوق بعض، أو فتحها، ومثل أيضاً الأراجيح، والدراجات، والكرات، وغيرها من وسائل النشاط البدني للأطفال التي تساعد على تطوير التنسيق والمهارات الحركية والدقيقة، وكلما ازداد استخدام الطفل لأعضائه المختلفة وروض جسمه كلما قوي عوده ونمت عضلاته.
  2. إن النشاط البدني، أي ممارسة التمارين المنتظمة خصوصاً تلك الجماعية ككرة السلة والقدم وغيرها، والمشاركة في بطولاتٍ، يمكن أن توسع حلقة معارف الطفل وتسمح له بالتعرّف على أصدقاء جدد.
  3. يعتبر اللعب تنظيماً تربوياً سليماً، ووسيلة فعَالة لنمو الملاحظة، والذاكرة، والتفكير، والخيال المبدع، والإرادة عند الأطفال. كما يكتسب كثيراً من قواعد السلوك والنظام والانضباط مما يساهم في تشكيل شخصية الطفل وتبلورها.
  4. تنمية مهارة التتبع البصري، وذلك عند اللعب بألعاب مثل السيارات المتحركة، والكرات التي تتبع مساراً محدداً. وتعزيز إدراك وجود الأشياء بشكل دائم، حيث تساعد الألعاب الطفل على فهم ديمومة الأشياء، وأنها لا تختفي بمجرد عدم رؤيته لها. تنمية حاسة السمع لدى الطفل، وذلك من خلال الألعاب التي تصدر أصوات مميزة وجديدة، مثل أصوات الحيوانات، والأدوات الموسيقية. تنمية حاسة اللمس لدى الطفل، وذلك عند استكشافه لملمس الألعاب المختلفة وسطوحها الملساء، والخشنة والمتعرجة، وغيرها.
  5. يعتبر اللعب وسيلة علاجية يعتمدها المتخصصون لعلاج بعض الحالات المرضية كالخجل، والانطواء، والخوف، كما يساعد على تنشيط القدرات العقلية وتفتح المواهب ويسهم في عملية النمو الفسيولوجي.
  6. لا تقتصر اهمية اللعب على تنمية المهارات الحركية والمعرفية فحسب بل يحقق وظيفة هامة من الناحية الذاتية، حيث يكتشف الطفل عن طريق اللعب الشيء الكثير عن نفسه كمعرفة قدراته ومهاراته من خلال تعامله مع زملائه ومقارنة نفسه بهم. كما أنه يتعرف على مشاكله وكيف يمكن مواجهتها.
  7. : يستطيع الطفل عن طريق اللعب أن يعبر عن طاقاته الخلاقة، وأن يجرب الأفكار التي يحملها، ومنها التمثيل والرسم ويستطيع الطفل أن يطور خياله الإبداعي. وكأن اللعب بالنسبة للطفل هو بمثابة تحرر من سلطة البالغين التي يخضع لها في حياته الواقعية، والطفل يكتشف شيئاً فشيئاً العالم المحيط به، والعلاقات التي تربط الاشياء مع بعضها. حيث تجذبه في البداية الألوان والأصوات والسرعة، كما تعطيه الألعاب فرصة لاستخدام حواسه وعقله، وتزيد من قدرته على الفهم، كما أنه يتشوق إلى التعليم والتعلم الذاتي وإلى العمل من تلقاء ذاته.
  8. يوفر وقت اللعب مساحة آمنة للأطفال لتجربة العقبات والفشل، ويتعلم الأطفال المرونة وآليات التكيف المفيدة من هذه التجارب.
  9. تعلّم طريقة التعامل مع المشاعر: تراود الأطفال الكثير من المشاعر عند ممارسة الألعاب؛ بما في ذلك الشعور بالحزن عند الخسارة، أو الشعور بالغضب أو غير ذلك. يتعلّم الأطفال كيفيّة التعامل مع هذه المشاعر وتجاوزها أثناء اللعب.  
  10. الألعاب ليست حصراً على الصغار فقط، فحتي الشباب في مرحلة المراهقة لهم الحق في اقتناء العاب تناسب المرحلة العمرية لديهم. فهذا النوع من اللعب هو نهج تعليمي فعَال لهم، حيث يساعدهم على تفريغ الطاقة السلبية لديهم واستبدالها بطاقة إيجابية، ويربطهم بالأخرين وبالعالم من حولهم. واللعب أيضاً يحسن وظائف المخ مثل الشطرنج أو إكمال الألغاز أو متابعة النشاطات الترفيهية الأخرى التي تتحدى الدماغ في منع مشكلات الذاكرة.

ختاما: –

تناولنا في هذا المقال لعب ونمو: فوائد النشاط البدني للأطفال. واكتشفنا معاً أن للعب والنشاط البدني للأطفال دور مهم في النمو الشامل للطفل. فعدى عن كونه مسلي، فهو عامل يحفز الإبداع، ويحافظ على التطور المعرفي، ويشجع على التطور الاجتماعي والعاطفي. يتضح مما سبق ان اللعب مظهر من مظاهر الارتقاء النمائي وهو من العوامل التي تنمو مع الطفل منذ الولادة.

فتبدأ الاسرة في تعزيزها من خلال التنشئة الاجتماعية، وهو الدور الذي تساندها فيه المدرسة والمجتمع للاكتشاف التدريجي لهذا العالم ومواكبته حتى يحقق ككل فرد مكانته المناسبة في مجتمعه، ويقبل على الحياة والعمل بحب ونشاط وحيوية كما يقبل الطفل على لعبته ولعبه.

كتابة المقال:

تقي عبد السلام

المراجع

https://www.britannica.com/biography/Friedrich-Froebel

لمزيد من المقالات زر موقعنا

شارك عبر
Optimized with PageSpeed Ninja