في عالمنا الذي يزداد تعقيدًا كل يوم، هناك دائمًا تهديدات صحية جديدة تظهر بشكل مفاجئ، وفي هذا السياق، برز فيروس HMPV (فيروس الجهاز التنفسي الميتابونيوم البشري) كأحد الفيروسات التنفسية الجديدة التي تستحق اهتمامًا، يتسبب هذا الفيروس في أعراض تنفسية شديدة ويهدد الأشخاص من جميع الأعمار، بدءًا من الأطفال الرضع وصولًا إلى كبار السن، فما هو هذا الفيروس الجديد؟ كيف ينتشر؟ وكيف يمكننا الحماية منه؟ دعونا نتعرف على تفاصيل هذا الفيروس الجديد.
ما هو فيروس HMPV؟
فيروس HMPV هو فيروس تنفسي جديد نسبيًا، ينتمي إلى عائلة الفيروسات التاجية، ويشترك في بعض الخصائص مع الفيروسات المعروفة مثل فيروس الإنفلونزا وفيروسات الجهاز التنفسي العلوي الأخرى، تم اكتشاف هذا الفيروس لأول مرة في أواخر التسعينيات، وهو يعد السبب الرئيسي الثاني للإصابة بأمراض الجهاز التنفسي الحادة بعد فيروس الإنفلونزا، خصوصًا في فترات الربيع والخريف.
يشير الاسم HMPV إلى “فيروس الجهاز التنفسي الميتابونيوم البشري”، وقد يُصيب هذا الفيروس البشر على مدار العام، لكنه غالبًا ما يتفشى في فصول معينة مثل الشتاء والربيع، ومن الجدير بالذكر أن هذا الفيروس يمكن أن يتسبب في مجموعة من الأمراض التنفسية التي تتراوح من نزلات البرد البسيطة إلى التهاب القصبات الحاد والالتهاب الرئوي.
كيف ينتشر فيروس HMPV؟
فيروس HMPV ينتقل بشكل رئيسي عن طريق التنفس، حيث يخرج الفيروس من الجهاز التنفسي للمصابين عبر السعال أو العطس، كما يمكن أن ينتقل عبر الأسطح الملوثة التي تحتوي على الفيروس، حيث يلمس الشخص سطحًا ملوثًا ثم يلمس فمه أو أنفه أو عينيه، لذلك، فإن انتشاره في الأماكن العامة، مثل المدارس والمستشفيات، يجعل من الصعب تجنب العدوى في هذه البيئات.
ومثل معظم الفيروسات التنفسية، يرتفع انتشار HMPV في فترات معينة من العام، حيث يتواجد الأشخاص في أماكن مغلقة لفترات طويلة بسبب الطقس البارد، كما أن الأشخاص المصابين بفيروس HMPV قد ينقلونه قبل ظهور الأعراض أو حتى بعد زوال الأعراض، مما يعقد من الوقاية منه.
ماهي أعراض هذا الفيروس؟

أعراض فيروس HMPV (فيروس الجهاز التنفسي الميتابونيوم البشري) تشبه إلى حد كبير أعراض العديد من الفيروسات التنفسية الأخرى مثل نزلات البرد والإنفلونزا، تشمل الأعراض الشائعة لهذا الفيروس:
1- سعال جاف أو مع بلغم: أحد الأعراض الأساسية التي قد ترافق الإصابة.
2- حمى أو ارتفاع درجة الحرارة: قد يعاني المصابون من حمى خفيفة إلى معتدلة.
3- احتقان الأنف أو سيلان الأنف: من الأعراض المعتادة التي تصاحب الإصابة.
4- التهاب الحلق: يمكن أن يشعر الشخص بألم أو خشونة في الحلق.
5- ضيق التنفس: في بعض الحالات، قد يعاني المريض من صعوبة في التنفس أو ضيق في الصدر.
6- إعياء عام وضعف الجسم: يشعر المريض بالتعب والضعف العام.
7- ألم في العضلات: من الأعراض المصاحبة التي قد تشمل آلام الجسم.
8- صداع: قد يصاحب الإصابة بالفيروس صداع خفيف إلى معتدل.
وبحسب مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها (CDC) تظهر هذه الأعراض خلال 3- 6 أيام من التعرض للفيروس، وخلافًا لما يظنه البعض؛ فهذا الفيروس ليس جديدًا، بل تم اكتشافه عام 2001 م.
وفي بعض الحالات، قد تتفاقم الأعراض لتؤدي إلى التهاب القصبات أو التهاب رئوي، خاصة لدى الأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة أو ضعف في جهاز المناعة، وفي الحالات الأكثر حدة، قد يحتاج المريض إلى دخول المستشفى لتلقي العلاج المناسب.
من هم الأكثر عرضة للإصابة؟
على الرغم من أن فيروس HMPV يمكن أن يصيب الأشخاص من جميع الأعمار، إلا أن هناك فئات معينة تكون أكثر عرضة للإصابة بأعراض شديدة:
1- الأطفال الرضع والحوامل: من أبرز الفئات المعرضة لمضاعفات المرض، لديهم جهاز مناعي غير مكتمل أو ضعيف قد يجعلهم أكثر عرضة للمضاعفات.
2- كبار السن: الذين يعانون من ضعف في الجهاز المناعي أو حالات صحية مزمنة مثل أمراض القلب أو السكري.
3- الأشخاص المصابون بأمراض مزمنة في الجهاز التنفسي: مثل الربو أو مرض الانسداد الرئوي المزمن.
4- الأشخاص الذين يعانون من ضعف جهاز المناعة: مثل مرضى السرطان أو من يخضعون للعلاج الكيميائي.
كيفية الوقاية من فيروس HMPV؟
مثل معظم الفيروسات التنفسية، لا توجد لقاحات محددة حتى الآن للوقاية من فيروس HMPV. ومع ذلك، هناك بعض التدابير الوقائية التي يمكن أن تساعد في الحد من انتشار الفيروس:
1- الابتعاد عن المصابين: تجنب الاتصال الوثيق مع الأشخاص المصابين بالفيروس.
2- غسل اليدين بشكل متكرر: غسل اليدين بالماء والصابون يساعد في تقليل انتقال الفيروس عبر الأسطح.
3- استخدام الكمامات: خاصة في الأماكن المزدحمة أو عند التعامل مع الأشخاص المرضى.
4- تعقيم الأسطح: تنظيف الأسطح الملوثة بالمطهرات يعزز من الوقاية.
5- تعزيز الجهاز المناعي: الحصول على قدر كافٍ من النوم وتناول الأطعمة المغذية يساعد في تعزيز صحة الجهاز المناعي.
ما هي طرق علاج فيروس HMPV؟
لا يوجد علاج محدد لفيروس HMPV، حيث أن العلاج يركز بشكل أساسي على التخفيف من الأعراض ودعم الجسم أثناء فترة التعافي، إليك بعض الطرق التي يمكن اتباعها:
1- التخفيف من الأعراض:
– مسكنات الألم وخافضات الحرارة: يمكن استخدام أدوية مثل الباراسيتامول أو الإيبوبروفين لتخفيف الحمى والآلام.
– المستحضرات المضادة للسعال: يمكن استخدام بعض الأدوية التي تهدئ السعال أو المساعدة في تخفيف البلغم.
2- الراحة والترطيب:
– الراحة التامة: تساعد الراحة في تسريع التعافي وتخفيف الضغط على الجهاز المناعي.
– شرب السوائل بكثرة: يساعد الحفاظ على الترطيب في تخفيف الجفاف الناتج عن الحمى والسعال.
3- العلاج التنفسي:
– في حالة ظهور أعراض مثل ضيق التنفس أو صعوبة التنفس، قد يحتاج المريض إلى أدوية موسعة للشعب الهوائية (مثل البخاخات أو الأدوية الاستنشاقية).
– في بعض الحالات الشديدة، قد يتطلب الأمر دخول المستشفى للحصول على دعم تنفسي مثل الأوكسجين.
4- الرعاية الداعمة في المستشفى:
– في الحالات الحادة أو في المرضى الذين يعانون من مضاعفات مثل التهاب الرئتين، قد يتطلب الأمر العلاج في المستشفى باستخدام أجهزة التنفس الصناعي أو المضادات الحيوية إذا كان هناك التهاب بكتيري ثانوي.
5- العناية الخاصة:
– الأشخاص الذين يعانون من ضعف المناعة أو أمراض مزمنة قد يحتاجون إلى مراقبة إضافية وعلاج مخصص من قبل الأطباء.
وفي الختام، فيروس HMPV قد يكون جديدًا نسبيًا في وعي الناس، لكنه يبرز كتهديد صحي خطير يحتاج إلى الانتباه، على الرغم من أن الفيروس ليس دائمًا مميتًا، إلا أن أعراضه قد تكون شديدة، خاصة للفئات الأكثر عرضة للخطر. ولحسن الحظ، مع الوقاية السليمة والعناية الطبية المناسبة، يمكن الحد من آثاره السلبية، إذا كنت تشك في إصابتك بفيروس HMPV أو كنت في بيئة تحتوي على أشخاص مصابين، لا تتردد في اتخاذ الإجراءات الوقائية واستشارة الطبيب.
كتابة المقال:
مها عصام الدين
المصادر: