هل شعرت يومًا بألم شديد في معدتك بعد تناول وجبتك؟ أو ربما أصابك الغثيان فجأة دون سبب واضح؟ إذا كانت الإجابة نعم، فقد تكون قد مررت بتجربة أعراض التسمم الغذائي، التي تحدث بسبب تناول أطعمة ملوثة بالجراثيم أو الفيروسات، مما يؤدي إلى ظهور أعراض مُزعجة. في هذا المقال، سنتناول اعراض التسمم الغذائي وأسبابه، مع نصائح للوقاية منه، حتى تضمن سلامة صحتك.
التسمم الغذائي
يُطلق على التسمم الغذائي اسم “الأمراض المنقولة عن طريق الغذاء”، وينتج عن طريق تناول طعام ملوث أو فاسد بسبب دخول البكتيريا أو الفيروسات إلى الطعام أوتناول طعام يحتوي على السموم التي تنتجها البكتيريا مثل بكتيريا المكورات العنقودية الذهبية. كما يُعد حالة شائعة يمكن أن تحدث في أي عمر، وتختلف شدة المرض على حسب العامل المسبب للتسمم وكمية الطعام المُستهلك. ووفقًا لمراكز السيطرة على الأمراض والعدوى؛ يصاب حوالي 1 من كل 7 أشخاص بنوع من التسمم الغذائي كل عام.
عادة ما تظهر أعراض التسمم الغذائي الحاد بعد دقائق أو ساعات وقد تصل إلى أيام من تناول الأطعمة الملوثة أو الفاسدة، وتختلف الأعراض حسب درجة التسمم؛ ففي الحالات الشديدة تكون الأعراض شديدة جدًا قد تصل للوفاة إذا لم يتم علاجها فورًا. بينما في الحالات الخفيفة تتركز الأعراض على الجهاز الهضمي وتسبب التعب.
أعراض التسمم الغذائي
تتراوح الأعراض من خفيفة إلى شديدة على حسب مصدر العدوى فقد تكون عدوى فيروسية أو طفيلية أو بكتيرية. لذا سنقسم الأعراض إلى 3 أعراض على حسب مصدر العدوى وشدة المرض:-
1- أعراض التسمم الغذائي الخفيف
هذه الأعراض يمكن أن تجعلك متعب وغير مرتاح؛ لذلك ينبغي اتخاذ الرعاية الصحية المناسبة لتجنب المضاعفات. تظهر الأعراض بعد مدة وجيزة من تناول طعامك الملوث، بما في ذلك أعراض مثل:
- آلام أو تقلصات البطن
تُعد من أبرز علامات التسمم الغذائي، تظهر بعد فترة قصيرة من تناول الطعام الفاسد أو الملوث بالجراثيم. ولأن الجراثيم والمواد السامة تعد مادة ضارة للجسم، وكرد فعل طبيعي للجسم؛ تزداد حركة الأمعاء للتخلص من المواد السامة؛ لذلك يعاني المريض من آلام في البطن. ومع ذلك، يوجد العديد من الأمراض التي تسبب آلام البطن، لذلك من الصعب تحديد ما إذا كان سبب آلام البطن هو التسمم الغذائي أم أمراض أخرى.
- الغثيان والقيء
من أبرز الأعراض التي تساعد الجسم في التخلص من المواد السامة. كما أن القيء المستمر يجعل المريض أكثر عرضة للإصابة بالجفاف.
- الإسهال
هو خروج براز رخو أكثر من ثلاث مرات في اليوم، وهو من الأعراض الشائعة التي تظهر غالبًا عند التسمم، وذلك لأن التسمم يسبب التهاب الغشاء المخاطي للجهاز الهضمي؛ مما يجعل الجهاز الهضمي أقل قدرة على إعادة امتصاص الماء، مما يؤدي إلى الإسهال. ويُعد من الطرق الطبيعية لتخلص الجسم من السموم والجراثيم بشكل أسرع. في التسمم الخفيف، لا يستمر الإسهال عادة أكثر من 3 أيام، ولا يسبب جفاف.
- الصداع
تؤثر بعض السموم المفرزة من الجراثيم على الجهاز العصبي، مما يؤدي إلى الصداع. في التسمم الشديد يعاني المريض من الارتباك والتشنجات، بينما في حالة التسمم الخفيف يعاني المريض من الصداع فقط.
- حمى خفيفة
في حالات التسمم الغذائي الخفيف قد تعاني من ارتفاع بسيط في درجة الحرارة، وتكون هذه الحمى رد فعل للجهاز المناعي للتخلص من المواد الضارة.
- فقدان الشهية والتعب
وقد يكون ذلك بسبب (الإسهال والحمى والغثيان) التي تجعل المريض يفقد الشهية.
هذه الأعراض عادة ما تختفي سريعًا مع الرعاية الصحية المناسبة في غضون أيام قليلة. ولكن يجب التنبيه؛ إذا كنت تعاني من الإسهال والقيء، ينبغي الإكثار من تناول السوائل؛ لمنع جفاف الجسم وتعويض السوائل المفقودة عن طريق القيء أو الإسهال.
2- أعراض التسمم الغذائي الشديد
تشمل أعراض قد تؤدي إلى الوفاة مثل:-
1- الإسهال المستمر أكثر من 3 أيام.
2- حُمى مرتفعة قد تزيد عن 39 درجة مئوية.
3- تشوش الرؤية أو صعوبة التحدث.
4- القيء المستمر.
5- دم أو مخاط في البراز.
6- الجفاف ومن علاماته:-
- جفاف الحلق.
- عيون غائرة.
- قلة التبول أو انعدامه.
- التشنجات.
- الدوخة.
لذلك، إذا كنت تعاني من أي من هذه الأعراض، يجب الذهاب إلى الطبيب فورًا. أما إذا كنتِ حاملًا، ينبغي عليك الذهاب إلى الطبيب؛ لأن بعض الجراثيم يمكن أن تؤثر على الجنين.
3- أعراض التسمم الغذائي حسب السبب
يمكن أن يستغرق ظهور الأعراض ما بين بضع ساعات إلى أيام، وذلك لأنها تعتمد على سبب التسمم الغذائي على سبيل المثال:-
1- السالمونيلا
تعد السالمونيلا من أكثر أنواع البكتيريا المسببة إلى التسمم الغذائي، إذ تسبب عند الإصابة بها أعراض مثل الصداع والحمى وتقلصات البطن والإسهال، إضافة إلى القيء والغثيان. وتظهر الأعراض بعد مدة تتراوح من 6 إلي 72 ساعة، وتستمر الأعراض مدة تتراوح من يومين إلى 5 أيام. ويتم الإصابة بها عند تناول الدواجن غير المطبوخة جيدًا و البيض والمياه الملوثة.
2- كامبيلوباكتر
تنتقل البكتيريا عن طريق تناول دجاج غير مطبوخ جيدًا، أو شرب مياه ملوثة أو حليب غير مبستر، وتبدأ الأعراض في الظهور بعد 2 يوم إلى 5 أيام؛ وتستمر الأعراض حوالي 5 أيام. كما تشمل أعراض مثل الحمى والغثيان وأحيانًا الإسهال الدموي علاوة على، تشنجات البطن.
3- ليستريا
تسبب الحمى والصداع والتعب، وتظهر الأعراض بعد الإصابة بأسبوعين. كما تنتقل عند تناول اللحوم الجاهزة للأكل، الحليب غير المبستر الإضافة، الأسماك المدخنة.
في الحمل، قد تؤدي إلى الإجهاض عند الإصابة بها؛ لذا يجب الرجوع إلى الطبيب فورًا عند ظهور أي من هذه الأعراض.
4- الإشريكية القولونية
يُعد تناول لحم البقر غير مطبوخ جيدًا والحليب غير المبستر، وكذلك المياه الملوثة السبب الرئيسي للإصابة بهذه البكتيريا، إذ تسبب الإسهال وغالبًا ما يكون دموي، وتقلصات البطن. كما يستغرق ظهور الأعراض من 3 إلى 4 أيام، وتستمر إلى حوالي أسبوع.
5- نوروفيروس
يُعد فيروس نوروفيروس أكثر الفيروسات المسببة إلى التسمم الغذائي شيوعًا، إذ تسبب الحمى والغثيان والقيء وتشنجات البطن إضافة إلى، الصداع والإسهال. ويستغرق ظهور الأعراض ما بين (24 – 48 ساعة)، وتستمر لمدة تتراوح ما بين (1 يوم إلى 3 أيام). كما تنتقل عن طريق الأطعمة الجاهزة و المحار و المأكولات البحرية والخس والخضروات الورقية إضافة إلى، المياه الملوثة.
مضاعفات التسمم الغذائي
غالبًا ما تكون الأعراض خفيفة، ولكن في بعض أنواع العدوى التي تنتقل عن طريق الطعام الملوث تكون خطيرة وقد تؤدي إلي مضاعفات تسبب مشاكل صحية، مثل:-
1- الفشل الكلوي: ويحدث نتيجة جفاف الجسم بسبب التسمم.
2- التهاب السحايا.
3- التهاب المفاصل.
4- تلف المخ والأعصاب.
قد تستمر هذه المشاكل الصحية لفترة وجيزة بعد الشفاء من التسمم الغذائي، ولكن في حالات أخرى قد تستمر مدى الحياة.
متى تزول أعراض التسمم الغذائي؟
ذكرنا سابقًا أن مدة ظهور الأعراض تعتمد على مصدر العدوى، ولكن غالبًا ما تستغرق الأعراض للظهور بضع ساعات إلى 8 أسابيع. وغالبًا ما تزول الأعراض في معظم الحالات، حيث تختفي خلال أسبوع واحد مع العلاج.
ما هي أسباب التسمم الغذائي؟
عند تناولك الأطعمة الملوثة بالجراثيم وخاصة ( اللحوم والدواجن والبيض والألبان والمأكولات البحرية)، أو الخضراوات والفاكهة غير المغسولة أو شرب مياه ملوثة؛ كل هذه العوامل تكون سبب أساسي لحدوث التسمم. ولكن يا ترى، كيف تتلوث الأطعمة؟ يمكن أن تتلوث الأطعمة أو السوائل أثناء التحضير أو التخزين على سبيل المثال:-
- تلوث المياه المستخدمة في ري الأراضي الزراعية بفضلات الحيوانات أو البشر.
- انتقال الجراثيم إلى الطعام أثناء المعالجة أو الشحن.
- عدم طهي الطعام جيدًا.
- انتقال الجراثيم إلى الطعام عن طريق الأسطح والأواني أو ألواح التقطيع غير النظيفة.
- تخزين الأطعمة في درجة حرارة غير مناسبة، مما يؤدي لنمو البكتيريا.
- عدم غسل الأيدي عند تحضير الطعام.
بعد معرفتك للأسباب، قد تتسائل ماهي الجراثيم المسببة للتسمم الغذائي؟
الجراثيم المسببة للتسمم أنواع منها الآتي:-
1- البكتيريا
تعد البكتيريا أكثر الجراثيم المسببة إلى التسمم شيوعًا ومنها السالمونيلا و الليستريا و الكامبيلوباكتر والشيجيلا و الإشريكية القولونية، إضافة إلى المكورات العنقودية الذهبية.
2- الفيروسات وأشهرها نوروفيروس و الروتا فيروس، وكذلك التهاب الكبد أ.
3- الطفيليات
تعد الطفيليات أقل الجراثيم المسببة للتسمم شيوعًا مقارنةً بالبكتيريا، وتشمل الطفيليات التي تسبب التسمم الغذائي ما يلي الديدان الشريطية والإسكارس والديدان الدبوسية، علاوة على جيارديا لامبليا.
قد يتبادر في ذهنك من هم الفئات الأكثر عرضة للتسمم الغذائى؟
الفئات الأكثر عرضة للتسمم الغذائي هم الآتي:-
1- الحوامل.
2- كبار السن.
3- الأطفال الصغار خاصة الأطفال أقل من 5 سنوات.
4- أصحاب الأمراض المزمنة مثل مرضى الكلى المزمن.
5- مرضى ضعف الجهاز المناعي.
حسنًا، بمعرفتك للأشخاص المعرضين إلى التسمم يتبقى سؤال، هل يوجد أطعمة تزيد من فرص الإصابة؟ نعم، هناك العديد من الأطعمة التي تزيد من فرص نمو الجراثيم، ومن ثم الإصابة بالتسمم الغذائي، الآن سنعرض لكم أهم الأطعمة:
- اللحوم وخاصة اللحم البقري المفروم، وكذلك الدواجن النيئة وغير المطبوخة جيدًا مثل (البط والديك الرومي).
- اللحوم الباردة مثل (السلامي والهوت دوج).
- المأكولات البحرية النيئة والسوشي.
- الأرز أو المعكرونة المطبوخة ولكن محفوظة في درجة حرارة غير مناسبة، مما تؤدي إلى تكاثر الجراثيم .
- الفواكه والخضروات غير المغسولة.
- منتجات الألبان غير المبسترة.
علاج التسمم الغذائي
- عادة ما تختفي أعراض التسمم الغذائي تلقائيًا في غضون أيام قليلة، لذلك يجب عليك البقاء في المنزل وأخذ قسط من الراحة.
- كما ينبغي تناول السوائل للحماية من الجفاف، ولكن تجنب تناول الحليب أو المشروبات التي تحتوي على الكافيين؛ وذلك لأنها تساعد على تهيج الجهاز الهضمي.
- يمكنك تناول بعض الأعشاب المهدئة مثل البابونج أو النعناع.
- تجنب الأطعمة الصلبة ومنتجات الألبان حتى يختفي الإسهال والقيء.
- تناول أطعمة خفيفة الدهون وسهلة الهضم مثل البسكويت المملح، الموز، أرز، خضروات مسلوقة، مرقة الدجاج.
- قد يكتب الطبيب مضاد حيوي في حالة العدوى البكتيرية.
إذا كان طفلك يعاني من الإسهال، تجنب إعطائه أدوية مضادة للإسهال بدون الرجوع إلى الطبيب، فقد تؤدي إلى استمرار الأعراض مدة أطول.
10 نصائح للوقاية من التسمم الغذائي
1- اغسل يديك دائمًا، وخاصة بعد استخدام الحمام وقبل طهي الطعام أو تناوله.
2- طهي اللحوم والبيض أو أي منتجات من أصل حيواني جيدًا قبل تناولها.
3- اغسل الفواكه والخضروات جيدًا قبل تناولها.
4- تطهير أسطح وأدوات وألواح التقطيع قبل إعداد الطعام.
5- احفظ الطعام في إناء محكم الغلق وتخزينه بطريقة صحيحة.
6- تخزين اللحوم والأسماك والدواجن النيئة بعيدًا عن الأطعمة الأخرى حتى يتم طهيها.
7- تجنب تناول الأطعمة منتهية الصلاحية أو ذات الرائحة أو المذاق الغريب.
8- يفضل ترك الطعام المجمد في الثلاجة أو الميكروويف أو الماء البارد لكي يذوب، ولكن تجنب تركه في درجة حرارة الغرفة لأنها تساهم في نمو البكتيريا.
9- إذا كنتِ حامل، يفضل تجنب الأكل النيئ أو غير المطبوخ.
10- تجنب تناول الماء من المصادر غير المعالجة زي الآبار.
ختامًا، اعراض التسمم الغذائي تتراوح ما بين الخفيفة والشديدة، وتعتمد على مصدر العدوى. ورغم أن الإصابة بالتسمم الغذائي تسبب الألم والانزعاج، فإنها نادرًا ما تُشكل تهديدًا لحياتك؛ وذلك لأن معظم الأشخاص يتعافون في غضون أيام قليلة، فما عليك إلا اتباع النصائح للوقاية منه.
كتابة المقال:
ياسمين أحمد القطب البرهامي
المصادر: