أهمية النوم الجيد للصحة والعافية.. النوم هو عملية فسيولوجية تقوم خلالها أجهزة الجسم بالراحة، لمساعدة الجسم على استعادة طاقته، وخلال فترات النوم تُقلل مراكز الدماغ العليا المسؤولة عن الإدراك والتفكير من عملها لمساعدة الجسم على الحصول على القدر الكافي من الراحة، وإعادة تخزين المعلومات الهامة التي حصل عليها خلال فترة اليقظة، وهذا ما يؤكد أهمية النوم الجيد للصحة والعافية.
أهمية النوم الجيد للصحة والعافية
نبدأ أولاً بذكر مميزات النوم في النقاط التالية:
فوائد النوم
- ارتخاء العضلات: ومع هذا يستمر الجسم في الحركة أثناء عملية النوم.
- بطء عملية التمثيل الغذائي.
- الحفاظ على وزن صحي.
- تقليل التوتر، وتحسين المزاج.
- تقليل خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، وداء السكري النوع الثاني.
- زيادة التركيز في العمل أو الدراسة.
مراحل النوم
أكدت الكثير من الأبحاث على أهمية النوم الجيد للصحة والعافية. تتم عملية النوم من خلال المرور عبر ثلاث مراحل مختلفة، ومن الضروري أن يمر الجسم بالثلاث مراحل كاملةً، حتى يتمكن الجسم من الحصول على النوم الصحي، وسوف نتعرف على هذه المراحل الثلاث ببعض التفصيل فيما يلي:
- النوم العميق Deep sleep:
حتى يصل الجسم إلى هذه المرحلة يجب أن يخلد الإنسان إلى النوم في نفس التوقيت كل يوم، مع محاولة الحصول على الاسترخاء قبل النوم، وعن أهمية هذه المرحلة:
ففي خلال هذه المرحلة تقوم الدماغ بتحويل كل ما تعلمه الإنسان طوال اليوم من الذاكرة قصيرة المدى إلى الذاكرة بعيدة المدى (مراكز التخزين الرئيسية في المخ)، ولكن إذا لم يصل الجسم إلى هذه المرحلة سوف يفقد الدماغ جميع هذه المعلومات، وأيضًا خلال مرحلة النوم العميق يقوم الجسم بزيادة تدفق الدم إلى العضلات، وعمل صيانة للجسم، ونمو الأنسجة من خلال إفراز الجسم للهرمونات الضرورية أثناء عملية النمو والتطور، والاستعداد ليوم عمل جديد.
ثم يبدأ الجسم في دخول المرحلة التالية لمرحلة النوم العميق وهي مرحلة النوم الخفيف.
- النوم الخفيف Light sleep:
تعمل الدماغ في هذه المرحلة على تنظيف وترتيب خلاياها من كافة المعلومات والأحداث التي تم تجميعها خلال فترة اليقظة، والاحتفاظ بالأمور والأجزاء المهمة منها فقط، ومن الأجزاء التي تتخلص منها الدماغ، بعض البروتينات التي قد تُسبب داء الزهايمر، ولهذا يجب على الإنسان أن يحرص على المرور بهذه المرحلة من عملية النوم، كما يجب عليه الحرص على الوصول إلى هذه المرحلة بعد المرور بالمرحلة الأولى (النوم العميق)، حتى لا تتخلص الدماغ من جميع المعلومات والأحداث سواءً المهمة أو غير المهمة.
- الأحلام REM:
هي اختصار لجملة (Rapid Eye Movement) بمعنى أنها مرحلة العين السريعة، وتتميز هذه المرحلة بأن الجسد بالكامل يتعرض إلى شلل تام، حيث ينشط العقل في هذه المرحلة وتحدث الأحلام، فيصير الجسم غير قادر على الحركة، وتضطرب نبضات القلب والتنفس، كما تصل نسب الهرمونات المرتبطة بالقلق إلى أقل مستوياتها، لهذا تُعتبر مرحلة العين السريعة علاجًا مناسبًا للتخلص من التجارب السيئة التي مر بها الإنسان خلال فترة اليقظة.
كما تعمل الدماغ خلال مرحلة العين السريعة على ربط جميع الأفكار والمعلومات بعضها ببعض لإنتاج أفكار جديدة، حيث تُؤدي هذه المرحلة من مراحل النوم إلى ما يُعرف بالتحرر العاطفي، وهو ما يتم من خلاله التعامل مع المشاعر المكبوتة داخل عقل الإنسان وهو ما يحدث غالبًا عن طريق الأحلام، حتى يتجنب العقل الإصابة بما يُعرف باضطراب ما بعد الصدمة.
العناصر المؤثرة في النوم
تُوجد عدة عوامل تُؤثر على جودة ونظام النوم، وتُساهم في أهمية النوم الجيد للصحة والعافية، ومنها:
- الساعة البيولوجية Circadian rhythm:
تُعد الساعة البيولوجية مسؤولة عن نظام الإنسان خلال اليوم، فالساعة البيولوجية هي التي تُحدد معدّل النوم واليقظة، ويتأثر هذا المعدل بالزيادة أو النقصان على مدار اليوم، ويكون هذا التأثر مرتبطًا بالفروق الشخصية من شخص إلى آخر، حيث يتميز الأشخاص بنشاطهم خلال فترة الصباح، ويتميز آخرون بالنشاط خلال فترة المساء، فالساعة البيولوجية تلعب دور كبير في تحقيق أهمية النوم الجيد للصحة والعافية.
- مستوى الأدينوسين في المخ Adenosine
يُؤثر مستوى الأدينوسين على فترات النوم، حيث يصل إلى أقل مستوياته عندما يحصل الإنسان على القدر الكافي من النوم، ويصل إلى أقصى مستوياته بعد حوالي 16 ساعة من الاستيقاظ، ولكن توصل العلماء أن أفضل وقت للنوم، هو الوقت الذي تتوافق فيه الساعة البيولوجية للجسم الإنسان مع مستوى الأدينوسين في المخ.
اضطرابات النوم
تعرف اضطرابات النوم بأنها أمراض تُسبب عدة تغيرات في نوم الشخص المصاب بها، بحيث يؤثر في النهاية على الصحة العامة ونمط الحياة، ومن أعراض هذه الاضطرابات أن يزداد نوم الشخص خلال فترة النهار أو فرط الحركة أثناء فترة النوم، واضطراب التنفس، إلى جانب عدم انتظام دورة النوم، وهو ما يُؤثر بالسلب على الصحة العامة.
تُوجد عدة أنواع متنوعة من اضطرابات النوم، والتي تم تقسيمها إلى عدد من المجموعات على أساس أسبابها وتأثيرها على الإنسان، ومن هذه الاضطرابات ما يلي:
- الأرق: حيث يجد الشخص المُصاب بالأرق صعوبةً بالغة في القدرة على النوم خاصةً أثناء الليل.
- تململ الساقين: هي مُتلازمة تُمثل أحد أنواع اضطراب الحركة أثناء النوم، حيث تتسبب في الشعور بعد الراحة والرغبة الشديدة في تحريك الساقين، أثناء محاولة النوم.
- النوم القهري: وهي حالة يشعر فيها الشخص المُصاب بالاضطراب بالرغبة في النوم بشدة خلال النهار، وبالفعل يدخل في مرحلة نوم خلال فترة النهار.
- انقطاع النفس النومي: حيث يشعر الشخص بأنماط غير عادية أثناء النوم.
- النوم السباتي: أو ما يُعرف بالتغفيق، حيث تتأثر دورات النوم والاستيقاظ، وقد ينام الشخص المُصاب بالاضطراب أو لا ينام بشكل مريح ليلاً، ولكنه عادةً ما يغلبه الشعور بالنوم خلال فترة النهار، وقد يسقط في النوم خلال أوقات غير مناسبة.
نصائح لنوم مريح
يمكن أن تؤثر العديد من العوامل في مستوى وأهمية النوم الجيد للصحة العامة، بدايةً من إجهاد العمل وصولاً إلى الأمراض، ولهذا يجب على الشخص الراغب في تحقيق أقصى استفادة من النوم الجيد التخلص من العوامل التي تُؤثر في جودة نومه، وتعويضها بعوامل وعادات أخرى أكثر جودة وتحقيقًا للنوم الجيد، ومن هذه العوامل والعادات التي يمكن اكتسابها والمداومة عليها ما يلي:
- الظلام: ينصح العلماء بتقليل سطوع المصابيح الكهربائية، خاصة المصابيح الموجودة في غرفة النوم، بالإضافة إلى تجنب الأضواء البيضاء، مثل شاشة التلفاز، والهواتف، وغيرهما من الأجهزة الإلكترونية.
- البرودة: من الأفضل أن تكون غرفة النوم باردة نسبيًا، كما ينصح العلماء بالحصول على حمام ساخن قبل النوم، وهو ما يُساعد على تخفيف درجة حرارة الجسم.
- الصوت: يُفضل التخلص من كافة المُؤثرات الصوتية التي قد تُسبب الإزعاج للشخص خلال فترة النوم.
- تجنب المنبهات: أكدت الأبحاث العلمية على ضرورة تجنب الحصول على المنبهات لمدة 8 ساعات على الأقل قبل النوم، كما يُفضل تجنب الوجبات الثقيلة، وعدم الحصول على قيلولة بعد الساعة 3 مساءً.
- أشعة الشمس: ينصح العلماء بضرورة التعرض لأشعة الشمس بالقدر الكافي خلال فترة النهار.
- الالتزام بجدول للنوم:
الحرص على النوم لمدة 8 ساعات في اليوم، وليس أكثر من ذلك، مع الحرص على مواعيد نوم ثابتة حتى يحصل الجسم على القدر الكافي من الراحة خلال هذه الساعات الثمانية (المدة التي يجب أن يحصل عليها الشخص البالغ).
- ممارسة الرياضة:
تُساهم الأنشطة الرياضية في تحسين جودة النوم، ولكن من الأفضل تجنب ممارسة الأنشطة الرياضية قبل النوم.
- السيطرة على القلق:
يُفضل أن يتخلص الإنسان من القلق والتوتر قبل الخلود للنوم، وبُمكن أن يلجأ الإنسان إلى كتابة ما يدور في عقله ويُسبب له التوتر والقلق، أو أن يلجأ إلى وسائل التحكم في التوتر، على سبيل المثال: التنظيم والتأمل، وتقسيم الأولويات ( ويُمكن اللجوء إلى مصفوفة أيزنهاور).
التسي تسي ومرض النوم
يُصاب الإنسان بمرض النوم أو ما يُعرف ب (داء المثقبيات الأفريقي البشري) عن طريق لدغة ذبابة تُسمى التسي تسي، والتي تعيش في المناطق المدارية خاصةً المناطق الشرقية والغربية والوسطى من قارة أفريقيا، وقد تؤدي هذه اللدغة إلى الموت إذا لم يتم العلاج بطريقة صحيحة.
ومن أعراض مرض النوم ظهور قرحة حمراء خلال بضعة أسابيع، ومن الأعراض الأخرى لهذا المرض الحمى، وتورّم في العقد اللمفية، وألم في العضلات والمفاصل، وصداع وتهيّج. وفي المراحل المتقدمة من المرض، يتأثر الجهاز العصبي المركزي، مُسببًا تغيير في الساعة البيولوجية وصعوبة المشي والكلام، كما يتعرض الشخص المُصاب إلى نوبات، ويتطور المرض على مدار عدة سنوات مسببًا الوفاة.
وفي النهاية لا يمكننا الاعتماد على عدد ساعات النوم كدليل على صحة النوم بشكل جازم، ولكن يجب التأكد من جودة النوم أيضًا، كما يجب الإنتباه إلى العوامل الأخرى التي تُساهم في حاجة الجسم للنوم مثل: العمر ونمط الحياة، وصحة الجسم، للوصول إلى أقصى استفادة من النوم الجيد للصحة العامة.
الأسئلة الشائعة حول أهمية النوم الجيد للصحة والعافية:
ما هي أسباب اضطراب النوم؟
قد تحدث اضطرابات النوم نتيجةً للأمراض النفسية أو مشكلات الجهاز العصبي، أومشكلات القلب والأوعية الدموية، أو الجهاز التنفسي، أو الروماتويد أو الغدد الصماء، ويجب القيام بالفحوصات المخبرية لمعرفة السبب بدقة.
ما هو الفيتامين الذي يساعد على النوم؟
يُعتبر فيتامين ب أحد الفيتامينات الرئيسية التي تُساعد بشكل كبير في تحفيز النوم، وذلك عن طريق الحصول على الكمية الكافية من الميلاتونين من خلال فيتامين ب.
هل يوجد تحليل هرمون النوم؟
يتم إجراء دراسة النوم داخل الوحدات المخصصة لعلاج اضطرابات النوم الموجودة في المستشفيات أو المراكز المتخصصة، ويتم عمل هذا الفحص خلال الليل، كما يُمكن إجراءه خلال فترة النهار.
كتابة المقال:
د. نسرين زكريا
المراجع:
https://health.gov/myhealthfinder/healthy-living/mental-health-and-relationships/get-enough-sleep