أعراض اكتئاب ما بعد الولادة

شارك عبر

يُعتبر اكتئاب ما بعد الولادة أحد أهم الاضطرابات النفسية التي تؤثر على النساء بعد الولادة. على الرغم من أن الولادة فترة سعيدة ومثيرة في حياة المرأة، إلا أنها قد تكون مصحوبة بمشاعر الحزن، والقلق، والإرهاق. ومع ذلك، يمكن أن تتطور هذه الحالة أحياناً إلى اكتئاب شديد يؤثر على القدرة على القيام بالمهام اليومية، والرعاية الذاتية، و أيضاً الرعاية الأمومية.

لذلك سنناقش في هذا المقال أعراض اكتئاب ما بعد الولادة، والأسباب المحتملة والعوامل المساهمة في ظهوره، وكيفية التخلص منه بالإضافة إلى العلاج المناسب له.

نبدأ بسرد الأعراض في النقاط الآتية:

ما هي أعراض اكتئاب ما بعد الولادة؟

تشمل أعراض اكتئاب ما بعد الولادة ما يلي:

  • الشعور بالحزن المستمر والانزعاج.
  • فقدان الاهتمام والشغف في القيام بالأنشطة اليومية.
  • الشعور بالإرهاق الشديد.
  • عدم القدرة على النوم رغم الإرهاق.
  • حدوث تغيرات في الشهية : فقدان الشهية أو زيادة الشهية.
  • ظهور أعراض نفسية مثل الشعور بالذنب، والعجز، والقلق المفرط، والهلع.
  • تغيرات مزاجية وتهيج زائد.
  • عدم القدرة على الراحة، والتركيز، واتخاذ القرارات.
  •  ظهور أعراض جسدية مثل الصداع، وآلام العضلات، والتعب الشديد.

ما هي أسباب اكتئاب ما بعد الولادة؟

توجد عدة أسباب لحدوث هذا النوع من الاكتئاب نذكر منها الآتي:

1- التغيرات الهرمونية

تُعد التغيرات الهرمونية هي أحد  أهم العوامل الرئيسية في حدوث اكتئاب ما بعد الولادة. يرجع ذلك إلى حدوث تغيرات كبيرة في مستويات الهرمونات في جسم المرأة خلال فترة الحمل بما في ذلك الاستروجين والبروجستيرون. وبعد الولادة، تنخفض مستويات هذه الهرمونات بشكل حاد، مما يؤثر على النظام الهرموني وبالتالي يؤدي إلى تغيرات في النشاط العصبي والمزاج.

2- العوامل النفسية والعاطفية

تلعب العوامل النفسية والعاطفية دورًا في ظهور اكتئاب ما بعد الولادة. حيث تشعر الأم بالقلق والتوتر حول الأمومة وقدرتها على الاهتمام بطفلها الجديد. ربما توجد هناك ضغوطات اجتماعية للقيام بدور الأم المثالية، وهذا يضعف بدوره الثقة في النفس ويؤثر على الحالة العاطفية.

3- العلاقات الاجتماعية والدعم

ربما تكون العلاقات الاجتماعية، ومستوى الدعم المتاح للأم عوامل مساهمة في حدوث اكتئاب ما بعد الولادة. إذا كانت المرأة تعاني من العزلة الاجتماعية أو فقدان الدعم العاطفي والعملي من شريك حياتها، أو العائلة، أو الأصدقاء، فقد يكون لهذا تأثير سلبي على حالتها العاطفية و يزيد من خطر الاكتئاب.

4- التوتر والتعب

يمكن أن يتسبب شعور التوتر والتعب الزائد بعد الولادة من احتمالية حدوث اكتئاب ما بعد الولادة. تواجه النساء تحديات جسدية ونفسية كبيرة أثناء فترة الحمل و ما بعد الولادة بما في ذلك نقص النوم، والإرهاق الزائد، والمسؤولية الجديدة للعناية بالطفل. قد يصعب على الأم التكيف مع هذه التغيرات والتحديات، مما يؤثر على حالتها العاطفية والنفسية.

5- تاريخ الاضطرابات النفسية

إذا أُصيبت المرأة من قبل باضطرابات نفسية سابقة، مثل الاكتئاب أو القلق، فقد تكون أكثر عرضة للإصابة باكتئاب ما بعد الولادة. تُعد هذه الاضطرابات السابقة عامل خطر يؤثر على توازن النشاط العصبي والتكيف العاطفي بعد الولادة.

6- العوامل البيولوجية

تلعب العوامل البيولوجية دورًا في حدوث اكتئاب ما بعد الولادة. يعتقد البعض أن الاختلافات الوراثية في تركيب الدماغ والاستجابة الهرمونية قد تؤثر على احتمالية إصابة المرأة بهذا النوع من الاكتئاب.

كيف أتخلص من اكتئاب ما بعد الولادة؟

توجد عدة طرق يمكن من خلالها يمكن تحسين حالة اكتئاب ما بعد الولادة عن طريق عدة محاور كالتالي:

  • البحث عن الدعم الاجتماعي

يلعب الدعم الاجتماعي دورًا هاماً في التعافي من اكتئاب ما بعد الولادة. لذلك حاولي البحث عن الدعم من خلال أفراد العائلة، والأصدقاء الذين يمكنهم تقديم الدعم العاطفي لكِ ومساعدتكِ  في القيام برعاية طفلك الرضيع. أيضاً الانضمام إلى مجموعات دعم محلية للأمهات يمكن أن تأتي بثمارها في مشاركة التجارب، والحصول على نصائح من الأمهات الأخريات اللواتي مررن بهذه الحالة من قبل.

  • العناية بالنفس

تأكدي من الاهتمام بصحتك العقلية والجسدية. حاولي أن تأخذي بعض الوقت الخاص بكِ يومياً حتى ولو كانت فترة قصيرة. ابحثي عن الأنشطة التي تساعدك على الاسترخاء، والتخلص من التوتر مثل اليوغا، والتأمل، والتنفس بعمق. قد تكون ممارسة التمارين الرياضية بانتظام مفيدة لرفع الحالة المزاجية وتحسين الصحة العقلية.

  • التحدث مع مقدمي الرعاية الصحية

لا تترددي في التحدث مع مقدمي الرعاية الصحية حول مشاعركِ والأعراض التي تعانين منها. حيث أنهم لديهم خبرة في التعامل مع حالات اكتئاب ما بعد الولادة ويمكنهم توجيهكِ إلى العلاج المناسب. قد يتضمن ذلك تقديم العلاج النفسي (المعروف أيضًا بالعلاج الحديث) وربما تقديم العلاج الدوائي في بعض الحالات الأكثر حاجة.

  • الحفاظ على نمط حياة صحي

حاولي الحفاظ على نمط حياة صحي يشمل تناول وجبات غذائية تحتوي على تغذية متوازنة وغنية بالعناصر الغذائية الضرورية. يساعد تناول الأطعمة الغنية بالأوميغا-3، مثل السمك الدهني والمكسرات في تعزيز الصحة العقلية. كما يجب عليكِ الحرص على الحصول على قسط كافٍ من النوم، حتى ولو كانت فترات النوم متقطعة بسبب تسديد احتياجات الرضاعة لطفلكِ.

  • تحديد الأولويات وتنظيم الوقت

تعتبر الأمومة تحديًا كبيرًا، وربما تشعر الكثير من الأمهات بالتوتر والقلق. حاولي تحديد أولوياتك وتنظيم وقتك بشكل فعَال. قد يساعدكِ التخطيط الجيد وإنشاء جدول زمني في توزيع المهام على تقليل الشعور بالضغط. اطلبي المساعدة من شريك حياتك أو من أفراد العائلة في إنجاز المهام المنزلية ورعاية طفلكِ.

  • تعلم تقنيات التأمل والاسترخاء

يمكن أن يكون تعلم تقنيات التأمل والاسترخاء له تأثير إيجابي على الحالة العقلية والعاطفية. يمكنكِ البحث عن هذه التقنيات عن طريق تحميل تطبيقات الهاتف المحمول، أو عن طريق مقاطع فيديو عبر الإنترنت توجهك إلى جلسات التأمل والاسترخاء. قد تجدين أن الاسترخاء وتهدئة العقل يساعدانكِ على تخفيف القلق والتوتر المرتبط بالاكتئاب ما بعد الولادة.

  • تذكري أنكِ لست وحدك

تذكري أنك لست الوحيدة التي تعاني من اكتئاب ما بعد الولادة. هذا الاضطراب شائع ويمكن علاجه. لا تترددي في طلب المساعدة والدعم من الأشخاص المقربين لك والمهنيين في مجال الصحة النفسية.

متي يلزم الأمر الذهاب إلى الطبيب؟

هناك بعض النساء اللواتي يخجلن من الاعتراف بإصابتهم باكتئاب ما بعد الولادة. لكن هذا يجعل الأمر يزداد سوءاً وتعقيداً، لذلك يجب عليكِ ضرورة زيارة الطبيب في الحالات الآتية:

  • إذا استمرت الحالة أكثر من أسبوعين.
  • إذا عاقكِ الاكتئاب عن الاعتناء بطفلك.
  • إذا كان الاكتئاب يمنعكِ من أداء مهامك اليومية.
  • إذا تضمن الاكتئاب أفكاراً بخصوص إيذاء نفسكِ أو طفلكِ.

ما هو العلاج المناسب لاكتئاب ما بعد الولادة؟

هناك عدة خيارات علاجية لاكتئاب ما بعد الولادة تتضمن ما يلي:

1- العلاج الدوائي

قد يكون ضرورياً في بعض الحالات الشديدة استخدام العلاج الدوائي لتخفيف الأعراض. تُستخدم بعض الأدوية المضادة للاكتئاب، ومضادات الذهان والأدوية التي تساعد على استقرار الحالة المزاجية والتي أثبتت نجاحها في علاج الاكتئاب العام لعلاج اكتئاب ما بعد الولادة. لكن يجب أولاً استشارة الطبيب المعالج لتقييم الحالة ووصف العلاج المناسب.

2- العلاج بالصدمات الكهربائية(ECT)

إذا كان الاكتئاب شديداً، فقد يوجهكِ الطبيب إلى العلاج بالصدمات الكهربائية(ECT)، ذلك في حالة عدم الاستجابة للعلاج الدوائي. يتم ذلك عن طريق إجراء يمرر فيه الطبيب تيارات كهربائية دقيقة عبر الدماغ. تُحدث تلك التيارات الكهربية الدقيقة تغييراً في كيمياء الدماغ تقلل من أعراض الاكتئاب عند فشل الأدوية.

من الجدير بالذكر، إقامة الأم في المستشفى خلال فترة العلاج بالصدمات الكهربائية، وبالتالي تصبح الرضاعة الطبيعية صعبة في تلك الأثناء لذلك يلزم تناول أدوية تساعدكِ على إدرار اللبن تحت إشراف الطبيب الخاص بكِ.

3- العلاج النفسي

يمكن أن يكون العلاج النفسي مفيدًا في العلاج من الاكتئاب. يمكن استخدام العلاج النفسي الفردي أو العلاج الجماعي لمساعدة الأم على التعامل مع الأفكار السلبية وتعديل السلوكيات غير المفيدة. تساعد جلسات العلاج النفسي في تعزيز الدعم العاطفي للام وتقديم استراتيجيات للتعامل مع التحديات النفسية والعاطفية.

4- الدعم الاجتماعي

يلعب الدعم الاجتماعي دورًا هامًا في العلاج. حيث يؤثر تقديم الدعم من شريك الحياة، والعائلة، والأصدقاء تأثيراً كبيراً في تحسين حالة الأم وتخفيف الشعور بالعزلة والضغط. من المهم أن تشعر الأم بالدعم والتشجيع من الأشخاص المحيطين بها وأن تتمكن من الحصول على فترات من الراحة والاسترخاء.

توجد أيضاً بعض الطرق البسيطة الأخرى التي قد تساهم في تحسين حالة اكتئاب ما بعد الولادة على سبيل المثال:

  • تناول وجبات صحية متوازنة، وعدم الصيام فترات طويلة دون تناول الطعام.
  • عدم تناول الكحوليات، حيث أنها تتسبب في زيادة أعراض الاكتئاب.

هل اكتئاب الأم يؤثر على الرضيع؟

الإجابة على هذا السؤال هي نعم، يؤثر اكتئاب الأم على الرضيع. حيث تشير دراسة جديدة إلى احتمالية إصابة الرضع الذين لديهم أمهات مُصابة باكتئاب بخلل في رد الفعل المناعي في أجسامهم. وأيضاً ربما زيادة احتمالية إصابتهم باضطرابات نفسية مثل القلق والاكتئاب فيما بعد.

أخيراً، لا يجب أن يتم تجاهل اكتئاب ما بعد الولادة، فهو حالة حقيقية تمثل تحدياً صعباً للأم. فهو لا يؤثر على حياة المرأة فحسب بل على رضيعها وحياة عائلتها أيضاً. لذلك إذا كنتِ تعانين من أعراض اكتئاب ما بعد الولادة، من المهم أن تطلبي المساعدة والدعم المناسبين.

استشيري طبيبكِ المعالج أو اطلبي النصيحة من مقدمي الصحة النفسية المؤهلين. مع العلاج المناسب والدعم اللازم، يمكن تحسين حالتكِ وتعزيز رفاهيتك النفسية والعاطفية بعد الولادة.

كتابة المقال:

د/ ميرا نادي

المصادر:

Clevland Clinic

NCBI

لمزيد من المقالات زر موقعنا

شارك عبر
Optimized with PageSpeed Ninja