الزهايمر هو أحد أكثر الأمراض العصبية شيوعًا في العالم، ويُعد السبب الرئيسي للإصابة بالخرف لدى كبار السن، يتميز هذا المرض بتدهور تدريجي في الوظائف الإدراكية مثل الذاكرة، التفكير، واللغة، مما يؤثر سلبًا على الحياة اليومية للمريض وأسرته، ومع تقدم العمر، تزداد احتمالية الإصابة به، لكنه ليس جزءًا طبيعيًا من الشيخوخة. في هذا المقال، سنستعرض أسباب المرض، أعراضه، طرق التشخيص، والعلاجات المتاحة، بالإضافة إلى نصائح للوقاية من مرض الزهايمر.
ما هو مرض الزهايمر؟
ينتمي الزهايمر إلى فئة أمراض الخرف، ويحدث نتيجة تلف خلايا الدماغ بسبب تراكم بروتينات غير طبيعية تُسمى ” أميلويد” و ” تاو”، هذه الترسبات تعطل التواصل بين الخلايا العصبية وتؤدي إلى موتها بمرور الوقت، مما يتسبب في انكماش حجم الدماغ وفقدان الوظائف الإدراكية. يُشخص المرض عادةً بعد سن الـ65، لكن قد تظهر حالات نادرة لدى أصغر من ذلك (الزهايمر المبكر).
الأسباب وعوامل الخطر:
لا يزال السبب الدقيق للزهايمر غير معروف، لكن الأبحاث تشير إلى مزيج من العوامل الوراثية والبيئية:
1. العوامل الوراثية:
– وجود طفرات في جينات مثل APP، PSEN1، PSEN2 يزيد خطر الإصابة بالزهايمر المبكر.
– جين APOE-e4 يرتبط بزيادة خطر الإصابة بالزهايمر المتأخر.
2. العمر:
– تزداد الاحتمالية بعد سن الـ65، حيث يصيب المرض 1 من كل 14 شخصًا فوق هذا العمر.
3. أمراض القلب والأوعية الدموية:
– مثل ارتفاع ضغط الدم، السكري، والسمنة، التي تؤثر على تدفق الدم إلى الدماغ.
4. نمط الحياة:
– قلة النشاط البدني، التدخين، النظام الغذائي غير الصحي، والعزلة الاجتماعية.
مراحل وأعراض المرض
يتطور الزهايمر ببطء على ثلاث مراحل رئيسية:
1. المرحلة المبكرة:
– نسيان المواعيد أو الأسماء مؤخرًا.
– صعوبة في التخطيط أو حل المشكلات البسيطة.
– فقدان القدرة على تتبع الوقت.
2. المرحلة المتوسطة:
– نسيان الأحداث الشخصية المهمة (مثل زواج الأبناء).
– الارتباك في الأماكن المألوفة.
– تغيرات في المزاج (قلق، اكتئاب، أو شكوك غير مبررة).
– صعوبة في الكلام أو اختيار الكلمات المناسبة.
3. المرحلة المتأخرة:
– عدم القدرة على التعرف على الأهل أو الأصدقاء.
– فقدان السيطرة على الحركة (مثل المشي أو البلع).
– الحاجة إلى رعاية دائمة في جميع الأنشطة اليومية.
كيف يتم التشخيص؟
لا يوجد فحص واحد لتأكيد الإصابة، لكن الأطباء يعتمدون على:
– التقييم الإدراكي: اختبارات الذاكرة والتفكير.
– التصوير الطبي: مثل الرنين المغناطيسي (MRI) للكشف عن ضمور الدماغ.
– تحاليل الدم: للبحث عن مؤشرات حيوية مثل بروتين تاو وأميلويد.
– استبعاد أمراض أخرى قد تسبب أعراضًا مشابهة (مثل نقص الفيتامينات أو الاكتئاب).
العلاجات المتاحة
حتى الآن، لا يوجد علاج يشفي من الزهايمر، لكن بعض الأدوية والاستراتيجيات تساعد في إبطاء التدهور وتحسين جودة الحياة، مثل:
– مثبطات الكولينستيراز (مثل دونيبيزيل): تحسن الذاكرة عن طريق زيادة النواقل العصبية.
– ميمانتين: ينظم نشاط الغلوتامات في الدماغ.
العلاجات غير الدوائية:
– الأنشطة المعرفية: مثل الألغاز والقراءة لتحفيز الدماغ.
– التمارين الرياضية: تحسن تدفق الدم إلى الدماغ وتقلل الالتهابات.
– الدعم النفسي: جلسات العلاج السلوكي لدعم المريض وأسرته.

طرق فعالة للوقاية من الزهايمر
رغم عدم وجود ضمانات، يمكن تقليل الخطر للوقاية من مرض الزهايمر عبر:
– النشاط البدني: مثل المشي أو رفع الأثقال لتعزيز صحة الدماغ.
– التغذية الصحية: الإكثار من الخضروات، الأسماك، والمكسرات الغنية بأوميغا-3.
– التحديات العقلية: تعلم لغات جديدة أو مهارات إبداعية. – إدارة الأمراض المزمنة: التحكم في السكري وضغط الدم.
– التواصل الاجتماعي: الحفاظ على العلاقات لتجنب العزلة.
تأثير الزهايمر على الأسرة
يعتبر المرض تحديًا عاطفيًا واقتصاديًا للأسر:
– الإرهاق الجسدي: نتيجة الرعاية المستمرة.
– التكاليف المادية: تكاليف الأدوية ومراكز الرعاية.
– الدعم النفسي: ينصح بالانضمام إلى مجموعات دعم للمشاركة في التجارب.
وفي الختام، مرض الزهايمر معركة طويلة تتطلب وعيًا مجتمعيًا و دعمًا علميًا. بينما تواصل الأبحاث كشف أسرار هذا المرض، تبقى الوقاية من مرض الزهايمر والكشف المبكر أفضل أسلحة لمواجهته. إذا لاحظت علامات مبكرة على نفسك أو أحد أفراد أسرتك، استشر طبيبًا فورًا — لأن كل يوم يُحدث فرقًا.
كتابة المقال : د. مها عصام الدين
اترك ردّاً