ما هو الاكتئاب وكيفية التعامل معه وتحسين الصحة النفسية.. من الطبيعي الشعور بالحزن أو الإحباط في بعض الأوقات، وهذا يمكن أن يحدث بسبب فشل عارض في أمر من أمور الحياة، أو خسارة شخص عزيز، أو بسبب شعور الخذلان من الآخرين، ولكن الغير طبيعي هو أن يمتد شعور الحزن والإحباط لفترة طويلة قد تمتد لعدة أسابيع وأحيانا شهور، وهذا الشعور يبدأ في التأثير على حياتك وقدرتك على التفاعل مع الآخرين والاستمتاع بالحياة، وهذا يمكن أن يكون تفسيره هو أنك تمرّ بأحد أشكال الاكتئاب، ولكن الجيد في هذا الأمر هو أن حالات الاكتئاب، يمكن علاجها إذا توفرت لديك المعلومات المناسبة، والرعاية الطبية المتخصصة، ودعم الآخرين حولك. لذلك سنتناول في هذا المقال ما هو الاكتئاب وكيفية التعامل معه وتحسين الصحة النفسية.
ما هو الاكتئاب وكيفية التعامل معه وتحسين الصحة النفسية
نبدأ أولاً بتعريف الاكتئاب:
ما هو الاكتئاب؟
يصف مصطلح الاكتئاب وفقاً لمنظمة الصحة العالمية مجموعة من التجارب، بدءًا من انخفاض المزاج الملحوظ والمؤقت إلى الاضطراب الشديد الذي قد يهدد الحياة. فهو يتميز بالشعور الدائم بالحزن، وفقدان الطاقة، والحافز. قد يستمر الاكتئاب لبضع ساعات، أو بضعة أيام، أو شهور، أو أكثر وفقاً لدرجة الاكتئاب.
أنواع الاكتئاب
هناك أنواع مختلفة من الاكتئاب، وبعضها يتطور بسبب ظروف معينة.
1- الاكتئاب الحاد أو الشديد
يمتد في أغلب الأحيان لمدة أسبوعين على الأقل، ويتميز بالمزاج المكتئب المستمر، وفقدان الاهتمام، وفقدان الرغبة في القيام بالأنشطة اليومية. قد يشعر بعض الأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب الشديد أن الحياة لا تستحق العيش وقد يحاول البعض إنهاء حياتهم. ولكي يتم تشخيص مريض الاكتئاب الشديد يجب استبعاد الأسباب البديلة للأعراض، مثل التأثيرات الفسيولوجية المباشرة للمرض الطبي (على سبيل المثال، قصور الغدة الدرقية)، والأدوية، وسوء استخدامها قبل الوصول إلى تشخيص نوبة اكتئابيه شديدة.
2- الاضطراب الاكتئابي المزمن أو المستمر
هو شكل من أشكال الاكتئاب الذي يستمر عادةً لمدة عامين على الأقل. على الرغم من أنه قد يكون أقل حدة من الاكتئاب الشديد، إلا أنه يستمر لفترة أطول، وينطوي بشكل أساسي على مزاج حزين. قد يكون مصحوبًا بانخفاض الطاقة، وضعف الشهية أو الإفراط في تناول الطعام، والأرق أو النوم الزائد الذي يحدث لعدة أيام. يمكن أن تظهر على شكل إجهاد، أو تهيج، أو انعدام التلذذ الخفيف، وهو عدم القدرة على استخلاص المتعة من الأنشطة الممتعة عادة.
3- اكتئاب ما بعد الولادة
بعد الولادة، تعاني حوالي 10 إلى 15 بالمائة من النساء من اكتئاب ما بعد الولادة، وهو اكتئاب يرتبط بآثار ما بعد الولادة. يعاني حوالي 30 إلى 70 بالمائة من الأعراض لمدة عام أو أكثر، حيث يرتبط بأعراض حادة ومستمرة تظهر معظم اليوم تقريبًا كل يوم لمدة أسبوعين على الأقل. ويرتبط أيضًا بانخفاض الترابط بين الأم والرضيع وزيادة التوتر الزوجي.
4- الاكتئاب المصحوب بأعراض الذهان
هو شكل حاد من أشكال الاكتئاب حيث يعاني الشخص من أعراض الذهان، مثل الأوهام (المعتقدات المزعجة والثابتة الخاطئة)، أو الهلوسة (سماع أو رؤية أشياء لا يسمعها الآخرون أو يرونها).
5- اضطراب ثنائي القطب (المعروف سابقا بمرض الهوس الاكتئابي)
يعاني الأشخاص المصابون بالاضطراب ثنائي القطب من نوبات اكتئابية، يشعرون خلالها بالحزن أو اللامبالاة أو اليأس، بالإضافة إلى مستوى نشاط منخفض جدًا. لكن الشخص المصاب بالاضطراب ثنائي القطب يعاني أيضًا من نوبات هوس (أو هوس خفيف أقل حدة)، أو حالات مزاجية مرتفعة بشكل غير عادي، حيث قد يشعر بالسعادة الشديدة، أو الانفعال أو “الارتفاع” مع زيادة ملحوظة في مستوى النشاط.
أعراض الاكتئاب
تتحدد الاضطرابات الاكتئابية عن طريق أربع مجالات عامة وهي أعراض عاطفية، وإدراكية، وسلوكية، وجسدية.
1- الأعراض العاطفية
– المزاج المكتئب.
– الحزن المستمر.
– الشعور بالإحباط.
– الخمول واللامبالاة.
– فقدان الشغف وشعور المتعة، فلا شيء يبدو ممتعاً ولا حتى التجارب التي أثارت في السابق مشاعر إيجابية.
– ضعف الأداء الاجتماعي، والتفاعلات الاجتماعية، والنشاط الجنسي وما شابه.
2- أعراض معرفية
– عادةً ما يكون لدى الأشخاص المصابين بالاكتئاب أفكار سلبية عن أنفسهم، وعوالمهم، والمستقبل.
– الشعور بأنهم غير أكفاء، وعديمي القيمة.
– فقدان الثقة بالنفس والشعور بالذنب.
– الشعور بالعجز عن إدارة حياتهم أو حل المشكلات.
3- أعراض سلوكية
– انسحاب الأفراد المصابين بالاكتئاب من الأنشطة الاجتماعية.
– البقاء في السرير لفترات طويلة.
– تجنب التفاعلات الاجتماعية.
– التحرك بشكل أبطأ.
– يتميز كلامهم بفترات توقف، وعدد أقل من الكلمات، وصوت رتيب، واتصال أقل بالعين.
4- أعراض جسدية
– تغيرات في الشهية والنوم.
– انخفاض الطاقة هو شكوى متكررة للغاية.
– افتقارهم إلى القدرة على التحمل الجسدي للقيام بالمهام أو إكمالها.
– فقدان الراحة وانخفاض مدة النوم.
كيفية التعامل مع الاكتئاب وتحسين الصحة النفسية
يمكن علاج الاكتئاب، حتى في الحالات الأكثر شدة. وسوف نستعرض بعض الأساليب العلاجية وهي:
1- طلب الدعم من متخصص: يجب البدء فوراً في طلب المساعدة والدعم من اختصاصي الأمراض النفسية، حتى يساعدك وفقاً لحالتك الفردية.
2- البحث عن أسباب الاكتئاب: يكون الاكتئاب في بعض الأحيان عرض جانبي لاستعمال دواء معين، أو بعض المشكلات الصحية التي يمكن أن تؤدي إلى الاكتئاب مثل نقص المعادن والفيتامينات، على سبيل المثال نقص فيتامين (ب) يسبب الإصابة بالاكتئاب. وأيضا أظهرت الأبحاث الجديدة أهمية فيتامين (د) في تنظيم الحالة الذهنية، ولهذا يجب التوجه الى طبيب ليبحث عن الأسباب الطبية التي قد تكون سبب في الاكتئاب.
3- القراءة حول كيفية التعامل مع الاكتئاب: يجب على الشخص المصاب بالاكتئاب أن يقرأ عنه، لأن القراءة حول كيفية التعامل مع الاكتئاب تساعد على تجاوز الأزمة، فالمعرفة أمر هام للغاية، لأنها تجعلك تدرك أن الاكتئاب مرض حقيقي ويجب التعامل معه بجدية.
4- العلاج النفسي: يشمل علاج سلوكي إدراكي حيث يعتمد على التعاون بين المريض والمعالج لكى يواجه المريض الأفكار السلبية لديه ويبدأ في التخلي عنها.
5- العلاج الدوائي: يمكن استشارة الطبيب في العلاجات المتاحة والمدة التي يتطلبها العلاج، والأعراض الجانبية له.
6- العلاجات البديلة: يمكن أن يصف لك الطبيب بعض العلاجات البديلة عن الأدوية، مثل العلاج بالإبر الصينية، أو العلاج بالفن. يمكنك دمج هذه الطريقة مع الخيارات الطبية الأخرى لكي تساعدك على تحقيق التوازن العاطفي.
7- تغيير نمط الحياة: يجب عليك البدء في الالتزام ببعض العادات اليومية، مثل الحصول على قدر كافٍ من النوم، وممارسة التمارين الرياضية حيث أنها فعّالة في تخفيف حدة الأفكار السلبية، واتباع نظام غذائي صحي، والعناية اليومية بالمظهر والملبس. من المهم أن تبقى في دائرة المقربين لديك حيث أن دعمهم لك يساعد في تسريع عملية التعافي.
8- تغيير بعض سلوكيات حياتك: حاول أن تشغل وقتك باستمرار، لأن المشغولية لها تأثير إيجابي في منع الأفكار السلبية من التمكن منك.
9- القيام بأشياء مسلية ومحببة لك.
10- الكتابة اليومية: من الممكن أن تبدأ في كتابة يوميات رحلتك في التعافي من الاكتئاب، حيث أن توثيق المشاعر يمكن أن يتحول الى صديق مفيد في رحلة التعافي.
11- تغيير نمط التفكير: يجب عليك تغيير نمط تفكيرك عن طريق التركيز على الأفكار، والمشاعر الإيجابية لكي تدعم ثقتك بنفسك.
ختاماً، تناولنا في هذا المقال ما هو الاكتئاب وكيفية التعامل معه وتحسين الصحة النفسية، فتجربة الاكتئاب الشخصية مؤلمة للغاية، إلا أنه غالبًا ما يساء فهمها من قبل الآخرين. لهذا يجب معرفة أن الاكتئاب حالة طبية شائعة ولا داعي للخجل منها، لذلك يجب تكثيف جهود التثقيف العام والمهني لمعرفة ما هو الاكتئاب وكيفية التعامل معه وتحسين الصحة النفسية، وإزالة الوصمة، كذلك الوصول إلى رعاية الصحة العقلية لتقليل هذه العوائق.
كتابة المقال:
تقى عبد السلام
المراجع
(1) Depression – Constance Hammen, Ed Watkins – كتب Google
(2) Depression – National Institute of Mental Health (NIMH) (nih.gov)