تقول إحدى الأمهات: كيف أعرف أن طفلي مصاب بالرهاب الإجتماعي (Social Anxiety), هناك بعض الأعراض التي قد تنبئ بإصابة ابنك بالرهاب الإجتماعي، مثل وجود صعوبة في التحدث، القلق الحاد قبل وأثناء وبعد أي حدث اجتماعي، وعدم الرغبة في تجربة أي شيء جديد.
لابد أنك واجهت بعض اللحظات التي شعرت فيها بالخوف أو عدم الارتياح في مواقف تتطلب تواصلًا اجتماعيًا. احمرار وجهك عند مقابلة أصدقاء جدد، تعرق اليدين، أو الإحساس بصعوبة في التعبير قبل تقديم عرض أمام بعض الناس، أو دخول غرفة مليئة بالأغراب. بالنسبة للكثير من الناس، يعتبر هذا الموقف غير مريح.
إذا كنت مصابًا بالرهاب الإجتماعي الحاد، فمثل هذه المواقف ستكون ذات وطأة ثقيلة عليك، حتى أنك لن تستطيع المجاراة في بعض الأحيان. أما طفلك فيلجأ إلى الابتعاد عن وضع نفسه محط الأنظار وعدم المشاركة في الأنشطة الاجتماعية. في هذا المقال، سنتعرف على الرهاب الإجتماعي وكيفية علاجه بشيء من التفصيل.
ما هو الرهاب الإجتماعي؟
الرهاب الإجتماعي هو أحد أمراض التوتر النفسي يتميز بالقلق أو الخوف من المواقف التي تتطلب التفاعل مع أناس جدد.
فالطفل الذي يعاني من الرهاب الإجتماعي يكون قلقًا بسبب ما سيواجهه في المواقف الاجتماعية، خاصةً رأي الآخرين فيه، والخوف من المواقف المحرجة، أو أن يتم تجاهله واعتزاله، أو الحكم السلبي عليه من قبل الغرباء.
وهي حالة غالبًا ما تصيب الأطفال والمراهقين من عمر 11-19 عامًا، ومنتشرة في جميع أنحاء العالم.
يتميز الرهاب الإجتماعي ببعض الأعراض النفسية وأيضًا العضوية التي قد تظهر على طفلك كما سنتناولها الآن:
الأعراض العضوية للرهاب الاجتماعي:
- احمرار الوجه.
- الغثيان.
- التعرق.
- الارتجاف.
- صعوبة في التحدث.
- سرعة ضربات القلب.
الأعراض النفسية للرهاب الاجتماعي:
- القلق الحاد قبل وأثناء وبعد أي حدث اجتماعي.
- تجنب المشاركة في الأنشطة الاجتماعية أو الاختلاط بأقرانه.
- الخوف من تجربة أي شيء جديد لتجنب إحراج نفسه.
- عدم الذهاب إلى المدرسة لتجنب الاختلاط بالأطفال، وقد يصل الأمر إلى الامتناع عن أي نشاط يقود إلى موقف اجتماعي، بما في ذلك:
- طرح سؤال.
- الذهاب معك للتسوق.
- الأكل في الأماكن العامة.
- استخدام المرافق العامة.
قد تؤدي لهذه الأعراض العديد من الأسباب التي قد يواجهها الطفل، مثل تجربة سيئة مع أصدقائه أدت إلى إحراجه، أو أن تكون عائلته صارمة بشكل شديد، أو تعرضه للضرب والتنمر والإهانة بشكل متكرر، أو عدم ممارسة نشاطات تنمي مهارات الطفل الجسدية والعقلية، أو بعض الحالات المرضية التي تؤثر على الشكل الظاهري أو الصوت مما يؤدي إلى التنمر.
ونستخلص من ذلك أنه ليس هناك سبب واحد واضح للرهاب الاجتماعي، بل إنه قد ينتج أيضًا عن بعض الجينات الوراثية.
كيف أعرف أن طفلي مصاب بالرهاب الإجتماعي
ليس هناك أداة أو طريقة محددة لتشخيص الرهاب الإجتماعي، لكن الطبيب سيلجأ غالبًا لبعض الأسئلة المتسلسلة لتحديد ما إذا كان طفلك مصابًا بالرهاب الإجتماعي أم لا، مثل:
- ما الأعراض التي يعاني منها طفلك؟
- التاريخ العائلي للإصابة بهذا المرض، حيث أن بعض المراجع تنص على أن هذا المرض ينتقل جينياً.
- هل الطفل يعاني من أي أمراض أخرى؟
سوف أشارك معكم بعض المعايير التي يُقاس بها ما إذا كان الشخص مصابًا بالرهاب الإجتماعي بناءً على DSM-5:
- الخوف من الحكم السلبي عليه: أي أن يخشى الطفل أن يتم انتقاده من قِبل الآخرين.
- هل يخاف طفلك من النشاطات الاجتماعية: حيث يتجنب المواقف الاجتماعية أو يشارك فيها بقلق شديد.
- هل يتفاعل طفلك مع مواقف محددة: حيث أن الخوف يكون مرتبطًا بمواقف معينة غالبًا.
- الخوف غير متناسب مع المسبب: حيث يكون القلق أكبر بكثير من الموقف الفعلي.
- هل هذه الأعراض مستمرة: حيث يستمر الرهاب الإجتماعي لمدة تزيد عن 6 أشهر.
- هل يؤثر ذلك على حياته اليومية سلبًا: حيث أن القلق يؤثر على كفاءة الحياة اليومية على عكس الخجل.
حسنًا، الآن أنا أعلم ما هو الرهاب الإجتماعي، وأعلم أسبابه، وعلى ما أظن أن هذا ما يعاني منه طفلي تحديدًا، ماذا يجب أن أفعل؟
ما هو أفضل تعامل مع طفل يعاني من الرهاب الإجتماعي؟
- مراقبة وتسجيل:
- يجب أن تراقب طفلك جيدًا وتسجل ما هو السبب الذي يؤدي لهذه الحالة تحديدًا، وأي المواقف التي يعقبها ظهور الأعراض على الطفل لكي تستطيع التصرف بفعالية.
2. إعداد وتدريب:
- إعداد طفلك للمواقف التي سجلت أنها تسبب له أعراض الرهاب الإجتماعي قبل أن يتعرض لها. مثل المواقف في المنزل مع طفلك وتدريبه على أفضل طرق التعامل مع ما يخيفه.
- درب طفلك على بعض التفكير التحقيقي إذا كان العمر مناسبًا. كمثال، إذا كان طفلك يخاف من أن يضحك منه زملاؤه إذا سأل سؤالاً في الفصل، يمكنك سؤال طفلك: “كيف عرفت أنهم سيضحكون منك؟”
- احكِ لطفلك عن المواقف التي شعرت فيها بالتوتر قبل أي حدث اجتماعي وكيف تعاملت معها، حيث سيساعد هذا طفلك على فهم أنه لا بأس في أن يشاركك مخاوفه.
- أخبر معلمي طفلك في المدرسة والمشرفين عن حالة طفلك وكيفية التعامل معه ليحصل طفلك على دعم مستمر.
3. تشجيع ودعم:
- أثناء وقبل اليوم المدرسي أو النشاطات الاجتماعية، يمكنك أن تشجع طفلك بلطف للانضمام إلى المواقف الاجتماعية والمشاركة في النشاطات أمام أشخاص آخرين لمساعدة طفلك على التغلب على مخاوفه.
- تجنب التحدث بدلاً عن طفلك.
- إذا قام طفلك بشيء كان يشعر بالتوتر منه، قم بتشجيعه واغمره بالمدح، وإذا كان هناك أشخاص حولك، فمدحه بهدوء وكافئه بينك وبينه. هذا يزيد من اعتزازه بنفسه.
- تجنب أن تنعت صغيرك بالخجول أو أي صفة يكرهها أمام الناس، خاصة إذا علق أحدهم على سلوكه.
- بغض النظر عن مدى غضبك لما يفعله طفلك، تجنب تمامًا انتقاد طفلك أو أن تكون سلبيًا تجاه أي مشكلة أو موقف اجتماعي.
- إذا كان طفلك متوترًا حيال تجربة معينة، إياك أن تجبره عليها، وجربها معه في وقت لاحق.
4. استخدام أسلوب السلم:
- أسلوب السلم هو أسلوب لطيف يساعد الطفل على التغلب على التوتر، خاصة الرهاب الإجتماعي. يتضمن مواجهة مواقف صغيرة قبل أن يواجه الموقف الحقيقي المخيف.
ما الفرق بين كون طفلي مصاب بالرهاب الإجتماعي وكونه خجول؟
يخجل جميع الأطفال من حين لآخر. أما إذا كان الشخص يعاني من الرهاب الإجتماعي، فهذا يؤدي باستمرار لمنعه أو إعاقته عن أداء النشاطات اليومية بكفاءة، مثل الحديث مع الآخرين.
كتابة المقال: د. عبداللطيف سرور
المصادر:
Diagnostic and Statistical Manual of Mental Disorders, Fifth Edition, Text Revision – (DSM-5-TR)
تابعنا علي: