هل تساءلت يوماً عن أهمية الصحة البيئية وتأثيرها على الصحة العامة. نحن جميعًا نهتم بصحتنا ونظافتنا الشخصية على اختلاف ثقافاتنا ومجتماعتنا، فعلى سبيل المثال نحرص كل الحرص على غسل أسناننا بشكل يومي منتظم، ولكن هل لاحظ أحدنا من قبل التأثير الضار للزئبق الموجود ضمن مكونات معجون الأسنان على الصحة العامة ؟ أو هل لاحظ أحدنا تأثير الأشعة فوق البنفسجية الضارة للشمس وعلاقتها المباشرة بالإصابة بسرطان الجلد؟ غالبًا ستكون الإجابة لا لم نلاحظ هذا من قبل، لذلك سنناقش في هذا المقال أهمية الصحة البيئية ومدى تأثيرها على الصحة العامة، والأمراض الناشئة عن تلوث البيئة.
أهمية الصحة البيئية وتأثيرها على الصحة العامة
سنلاحظ أنّ ما يحدث في البيئة من حولنا يُؤثر بشكل أو بآخر على الصحة العامة للإنسان حيث أن تلوث البيئة يمكن أن يكون سبباً مباشراً لإصابة الإنسان، أو الحيوان بكثير من الأمراض، ولكن أولاً ما هي الصحة البيئية وما هي علاقتها بالصحة العامة للإنسان؟
هي أحد أفرع الصحة العامة، وتشمل كل عناصر البيئة سواءً العناصر الصناعية، أو الطبيعية التي يعيش فيها الإنسان، ويُعرّف القانون الدولي البيئة بأنها: “مجموعة قواعد ومبادئ القانون الدولي العام، التي تُنظم نشاط الدول في منع وتقليل الأضرار المختلفة، التي تنتج من مصادر مختلفة للمحيط البيئي، أو خارج حدود السياسة الإقليمية” ، وتُؤثر البيئة على الصحة العامة بطرق مختلفة منها:
التلوث المائي عن طريق البكتيريا والفيروسات والفطريات المختلفة، والتي ينتهي بها المطاف بالتأثير سلبًا على صحة الإنسان بالمرض أو التسمم، أو عن طريق التغير المناخي كتأثير ثاني أكسيد الكربون على طبقة الأوزون وارتفاع درجات الحرارة بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة، أو تغير الخريطة الجغرافية للأمطار، أو انتقال الأمراض المشتركة من الحيوان إلى الإنسان عن طريق الهواء، أو الماء، أو اللمس المباشر، أو عن طريق الحشرات، ومن أخطر أنواع التلوث البيئي هو التلوث الإشعاعي.
الأمراض الناشئة عن تلوث البيئة
تنتج عن الحياة في بيئة غير صحية العديد من الأضرار الصحية للإنسان والحيوان على حد سواء كالإصابة بالأمراض مثل: التهابات الجهاز التنفسي، أو انسداد رئوي مزمن، أو التهاب الشعب الهوائية المزمن، أو الربو، أو عدوى الكلى والبول، أو مشاكل عصبية، أو مشاكل قلبية، أو سرطان الرئة بسبب التلوث الهوائي، أو الإصابة بأمراض القلب التاجية، أو الأمراض العصبية كالإجهاد وطنين الأذن وأمراض الضغط بسبب التلوث الضوضائي، أو الإصابة بالسرطان وأمراض العيون نتيجة للتلوث الإشعاعي.
سلامة البيئة في القانون المحلي والدولي
يتأثر العالم أجمع بالتغيرات البيئية بصورة كبيرة، فمع تزايد الأخطار الناجمة عن التلوث البيئي، والتي تؤثر في النهاية بشكل أو بآخر على الصحة العامة للإنسان، فقد ازداد بالمقابل الاهتمام المحلي والعالمي بالصحة البيئية عن طريق تشريع القوانين للحد من التلوث، ومن التشريعات المصرية صدور قانون البيئة عام 1994، الخاص بحماية البيئة الأرضية من التلوث، وحماية البيئة الهوائية من التلوث، والتلوث الضوضائي، والنشاط الإشعاعي، وحماية البيئة المائية من التلوث، سواء من السفن أو من المنشآت المجاورة للشواطئ، والنفايات الخطرة، وصدر تعديل له عام 2009 تم خلاله رفع قيمة الغرامات، وآخر عام 2015، أو كنص المادتين ال٤٥ وال٤٦ في القانون المصري اللتان تنصان على التزام الدولة بحماية نهر النيل والبحار والشواطئ من التلوث، أو كالاتفاقيات الدولية
مثل: اتفاقية روما سنة 1951 الخاصة بحماية النباتات، والاتفاقية الخاصة بحماية التراث الثقافي والطبيعي العالمي بباريس سنة 1972، واتفاقية رامسار لسنة 1971 المتعلقة بالأراضي الرطبة ذات الأهمية الدولية خاصةً بوصفها موطنًا للطيور المائية، أو اتفاقية لندن سنة ١٩٥٤ لمنع تلوث البحار بزيت البترول، أو عن طريق إقامة المؤسسات الدولية لحماية البيئة، كما زاد الاهتمام بتخصص البيئة على مستوى دول العالم.
فنتيجة للارتباط الوثيق بين الصحة البيئية والصحة العامة وتأثيرها عليها يزداد اهتمام العالم لتجنب التأثير السلبي على الصحة العامة للإنسان والكائنات الحية الأخرى، من خلال التشريعات والمؤسسات الدولية، وزيادة الاهتمام بتخصص بالصحة البيئية في المؤسسات التعليمية على مستوى العالم.
فقد عرف العالم بمختلف دوله الاهتمام بالصحة العامة للإنسان والحيوان على حد سواء للحد من انتشار الأمراض والأوبئة.
كتابة المقال:
د/ نسرين زكريا
المراجع: