يُعد التهاب مجرى البول لدى النساء من أكثر المشاكل الصحية التي تواجههن، إذ تشير الدراسات إلى أن حوالي 50% من النساء يُصبن بهذا الالتهاب مرة واحدة على الأقل في حياتهن، وهو ما يجعل النساء أكثر عرضة لهذا الالتهاب بمعدل 10 أضعاف مقارنةً بالرجال. لذا، ما هي الأسباب التي تجعل النساء أكثر عرضة لهذه الإصابة؟ في هذا المقال، سنلقي نظرة تفصيلية على أسباب التهاب مجرى البول وكيفية الوقاية منه.
التهاب مجرى البول
هو التهاب وتورم يصيب الجهاز البولي السفلي مثل مجرى البول والمثانة، نتيجة لوجود بكتيريا نشطة، وقد يصيب كل الفئات ولكن النساء أكثر عرضة من الرجال بنسبة 10:1.
يتكون الجهاز البولي بشكل أساسي من جزئين، الجزء العلوي وهما الكليتين والحالبين و الجزء السفلى وهما المثانة ومجرى البول، يقوم الجهاز البولي بتكوين البول وتخزينه ويشمل:-
الكلى: تعمل على ترشيح الدم وتساهم في التخلص من الفضلات والماء الزائد عن حاجة الجسم، والتي تخرج من الجسم في هيئة بول.
الحالب: هو أنابيب رفيعة تحمل البول من الكلى إلى المثانة.
المثانة: هي عضو شبه البالون، تقوم بتخزين البول.
الإحليل(مجرى البول): هو أنبوب عضلي يحمل البول من المثانة إلى خارج الجسم. ويعد هذا الجزء أقصر في النساء عنه في الرجال، لذلك يسهل دخول البكتيريا منه إلى المثانة.
يختلف هذا النوع من الالتهابات عن عدوى المسالك البولية، والتي تؤثر عادة على المسالك البولية بأكملها( المثانة، الحالب، مجرى البول الكلى ).
يمكن أن تنتقل العدوى عن طريق ممارسة الجنس غير أمن و دون حماية؛ لذا إذا كانت المرأة تعاني من عدوى مهبلية، يمكن نقلها إلى شريكها. هناك أسباب عديدة لحدوث الالتهاب، ولكن عادةً ما يحدث التهاب مجرى البول نتيجة الإصابة بعدوى، وغالبًا ما ترتبط هذه العدوى بنشاط جنسي.
أنواع التهاب مجرى البول
يوجد أنواع مختلفة من التهاب مجرى البول وتصنف حسب سبب الالتهاب ومنها:
- التهاب مجرى البول السيلاني: يحدث بسبب السيلان والذي ينتج عن العدوى ب Neisseria gonorrhoeae، وتظهر أعراض التهاب مجرى البول السيلاني عادة بعد 2-6 أيام من الإصابة.ويمثل 20% من حالات التهاب مجرى البول.
- التهاب غير السيلاني: يحدث بسبب آخر غير السيلان وهي بكتيريا الكلاميديا Chlamydia trachomatis وغالبًا تنتقل هذه البكتريا عن طريق الجماع. وتظهر الأعراض عادة بعد مرور 1-5 أسابيع من الإصابة (عادة في 2-3 أسابيع) ويمثل 80% من حالات الالتهاب.
- التهاب مجرى البول بدون سبب معروف.
أسباب التهاب مجرى البول عند النساء
هناك عدة عوامل تجعل النساء أكثر عرضة لهذه الالتهابات مقارنة بالرجال. فيما يلي سنتناول أهم أسباب هذا التهاب النساء:
- التركيب التشريحي للمرأة : تتميز المرأة بأن مجرى البول على مقربة من المهبل، مما يزيد من فرص الإصابة بالتهاب مجرى البول، نتيجة لذلك تدخل البكتيريا إلى مجرى البول ثم المثانة ويحدث التهاب وتورم.
- التعرض للعدوى عن طريق ممارسة الجنس: يحدث التهاب مجرى البول غالبًا، نتيجة إلى عدوى بكتيرية تنتقل عن طريق الاتصال الجنسي؛ إذ تدخل البكتيريا إلى مجرى البول من الجلد المحيط بمجرى البول مثل بكتيريا المكورات البنية Neisseria) gonorrhoeae) المسببة لمرض السيلان، أو بكتيريا الكلاميديا التراخومية( Chlamydia (trachomatis أو الميكوبلازما التناسلية (Mycoplasma genitalium) وهذه الأنواع تنتقل عن طريق ممارسة الجنس.
- قد تسبب أيضًا العدوى الفيروسية مثل الهربس التناسلي(HSV 1& HSV 2)، الفيروس الغدي و الفيروس المضخم للخلايا؛ التهاب مجرى البول .
- يعد العدوى فطرية مثل الخمائر (الكانديدا)؛ سببًا آخر لالتهاب مجرى البول.
- الإصابة بعدوى طفيلية: مثل داء المشعرات Trichomonas vaginalis.
- تعد البكتيريا الإشريكية القولونية المسببة لأمراض المسالك البولية (الإشريكية القولونية E.coli) سببًا آخر لالتهاب مجرى البول، إذ تدخل البكتيريا إلى مجرى البول، بسبب قصر المسافة بين مجرى البول وفتحة الشرج، وكذلك المسافة بين مجرى البول والمثانة.
عوامل تزيد من خطر الإصابة بالتهاب مجرى البول
- احتباس البول لفترة طويلة، يؤدي إلى تراكم البكتيريا في المثانة مما يزيد من خطر الإصابة.
- عدم شرب كميات كافية من الماء يؤدي إلى تقليل التبول وتكون الحصوات، مما يسمح للبكتيريا بالتكاثر في المثانة ويزيد من خطر الإصابة بالتهاب مجرى البول.
- حدوث التهاب وتهيج للمنطقة الحساسة، نتيجة الاحتكاك أو الضغط من الملابس الضيقة أو الأنشطة البدنية مثل ركوب الدراجات.
- استخدام بعض موانع الحمل، قد تزيد من خطر حدوث التهاب مجرى البول، لأنها تمنع تدفق البول بصورة طبيعية، لذلك قد تزيد من تراكم البكتيريا.
- استخدام الصابون أو المواد الكيميائية المعطرة في المنتجات الشخصية يمكن أن يسبب التهيج.
- قد يحدث التهاب مجرى البول نتيجة استخدام القسطرة أو منظار المثانة.
- تساهم التغيرات الهرمونية مثل الحمل أو فترة انقطاع الطمث(انقطاع الدورة الشهرية)، في سن اليأس، قد تتعرض النساء لالتهاب مجرى البول نتيجة انخفاض مستويات الإستروجين، مما يؤدي إلى ترقق الأنسجة وجفافها.
أعراض التهاب مجرى البول عند النساء
تشمل أعراض التهاب مجري البول مايلي:-
- ألم وشعور بالحرقان أثناء التبول: يُعد من أكثر الأعراض شيوعًا لدى النساء المصابة بالتهاب مجرى البول. ويحدث بسبب التهاب وتهيج مجرى البول.
- الرغبة الملحة والتكررة في التبول: الشعور بالحاجة الملحة والمتكررة للتبول، حتى إذا كانت كمية البول قليلة. ويُعد من العلامات الواضحة للالتهاب، كما يزداد ذلك الشعورليلاً.
- عدم الراحة بعد التبول، والشعور المستمر بعدم إفراغ المثانة والحاجة إلى التبول باستمرار.
- خروج كمية قليلة فقط من البول أثناء التبول.
- آلام أسفل البطن أو الحوض خاصة في منتصف الحوض أو حول منطقة عظمة العانة.
- وجود إفرازات مهبلية بنية اللون، أو شفافة، أو غامقة، أو خضراء، أو بيضاء، أو صفراء، أو ملطخة بالدم. ولا يرتبط وجود الإفرازات بحدوث الجماع.
- إن الإفرازات السميكة الصفراء أو الخضراء قد تكون علامة مميزة للإصابة ببكتيريا السيلان. بينما الإفرازات السميكة ولكن الشفافة أو البيضاء قد تكون أكثر تميزًا للكلاميديا.
- الألم أثناء ممارسة الجنس.
- بول غامق وذو رائحة كريهة، نتيجة للعدوى البكتيرية .
- في بعض الحالات شديدة العدوى، قد يظهر الدم في البول، لذلك يكون لون البول أحمر أو وردي فاتح او بني.
كيف يتم تشخيص التهاب مجرى البول؟
يتم تشخيص التهاب مجري البول عن طريق الأتي:-
- أخذ التاريخ المرضي والاستفسار عن الأعراض.
- الفحص السرير للأعضاء التناسلية والبطن.
- عمل تحليل البول؛ لمعرفة نسبة الصديد في البول.
- طلب مزرعة بول؛يساعد في تحديد نوع البكتيريا المسببة للالتهاب والمضاد الحيوي المناسب لها.
- في بعض الأحيان قد يلجأ الطبيب إلى أخذ مسحة من مجرى البول؛ لتحديد نوع العدوى المسببة للالتهاب.
- تحليل صورة الدم الكاملة؛ يساهم في تحديد عدد خلايا الدم البيضاء(wbcs)؛ وذلك لأن الارتفاع في خلايا الدم البيضاء يدل على وجود العدوى.
- فحص الموجات فوق صوتية أو أشعة مقطعية للكلى والجهاز البولي.
علاج التهاب الجهاز البولي
عادة لا يشفى مريض التهاب مجرى البول من تلقاء نفسه، ولكن سيتطلب علاج طبي للتخلص من العدوى. لذلك قد يكتب الطبيب أدوية المضادة الحيوي مثل الاتي:-
- Doxycycline(الدوكسيسيكلين) 500ملجم عن طريق الفم.
- Azithromycin (أزيثروميسين) 1000ملجم عن طريق الفم.
- Ceftriaxone حقن سيفترياكسون، إذا كانت العدوى بسبب البكتيريا المسببة للسيلان، يكتب الطبيب حقن مضاد حيوي سيفترياكسون 500 ملجم تؤخذ في العضل.
- لو كانت أسباب العدوى غير بكتيرية؛ يتم العلاج باستخدام مضاد الفيروسات أو مضاد الفطريات.
غاليًا ما تختفي الأعراض في غضون بضعة أيام من العلاج، ولكن يجب إكمال العلاج لضمان الشفاء والتخلص من العدوى. ولكن قد يؤدي التوقف المبكر عن العلاج إلى زيادة خطر مقاومة المضادات الحيوية.
مخاطر عدم علاج التهاب مجري البول عند النساء
إذا كنتِ مصابة بعدوى الكلاميديا أو السيلان دون علاج فقد يؤدي إلى الآتي:
- مرض التهاب الحوض وهي عدوى تصيب قناتي فالوب والرحم وعنق الرحم؛ مما تؤدي إلى آلام الحوض المزمنة أو العقم أو الحمل خارج الرحم.
- التهاب العين أو الالتهاب الرئوي عند حديثي الولادة نتيجة انتقال العدوى من الأم إلى الجنين أثناء الولادة.
- التهاب المفاصل التفاعلي المعروف بإسم متلازمة رايتر، والذي يسببه كلًا من الكلاميديا والسيلان.
نصائح لتجنب التهاب مجرى البول عند النساء
فيما يلي سنوضح بعض النصائح للوقاية من التهاب مجرى البول عن طريق حماية الجهاز البولي و تقليل الإصابة بالبكتيريا:-
- شرب الماء بكثرة وبانتظار، يؤدي إلى تجنب الحصوات، ونتيجة لذلك يمنع من تراكم البكتيريا.
- الحفاظ على نظافة المنطقة الحساسة عن طريق تجفيف المنطقة والمسح من الامام إلى الخلف؛ لتجنب انتقال البكتيريا من فتحة الشرج إلى مجري البول.
- تجنب استخدام الصابون والغسول المعطر في المنطقة الحساسة لأنها تودي الى الإلتهاب وتهيج؛ وتؤدي إلى زيادة خطر الإصابة بالعدوى.
- إرتداء ملابس داخلية قطنية وفضفاضة؛ وذلك للتهوية المنطقة ومنع الرطوبة وتقليل فرص نمو البكتيريا.
- عدم حبس أو تراكم البول في المثانة مدة كبيرة، لأنه يساهم في منع تراكم البكتيريا.
- التبول بعد الجماع، لطرد البكتيريا التي قد تدخل أثناء العلاقة.
- الحد من تناول الأطعمة الغنية بالتوابل، والشوكولاتة، والمشروبات الغازية والكافيين والشاي.
ختامًا، التهاب مجرى البول عند النساء هو التهاب وتورم يصيب مجرى البول، ويحدث بسبب الأمراض المنقولة جنسيًا، ولكن قد يحدث بسبب العدوى غير منقولة جنسيًا والمواد المعطرة وانقطاع الطمث. ونظرًا لأن السيلان والكلاميديا عدوى بكتيرية تسبب معظم الحالات، فإن العلاج يتضمن المضاد الحيوي، و باتباعك هذه النصائح؛ يؤدي ذلك إلى تقليل خطر الإصابة بالعدوى.
كتابة المقال:
ياسمين أحمد القطب
المصادر: