تأثير التغيرات المناخية على الصحة العامة.. يعتبر تغير المناخ من أهم القضايا المتداولة حالياً، وذلك لما له من تأثير هام علي شتى جوانب الصجة جسدية والنفسية على حد سواء. حيث تؤثر التغيرات المناخية تأثيراً مخيفاً على الصحة العامة، حيث يمكن أن تسبب التغيرات المناخية المرض، والوفاة جرّاء التغيرات العنيفة للمناخ. تشمل تلك التغيرات موجات الحر الشديد، والعواصف، والفيضانات، والسيول مما يؤدي إلى تعطيل النظم الغذائية، وزيادة الأمراض المنتقلة عبر المياه أو النواقل، والأمراض النفسية أيضاًَ.
فبحلول عام ٢٠٣٠ مرشح زيادة حالات الوفاه بسبب المناخ إلي ٢٥٠,٠٠٠ نسمة،ومن الجدير بالذكر أن تأثير تغير المناخ لايقتصر علي الدول المسببة للأزمة فقط، ولكن التأثير الأكبر يقع على عاتق الدول النامية أو ما يعرف بدول العالم الثالث بشكل أكبر ممن لا يمتلكون بنية تحتية قوية،أو حتي منظومة صحية جيدة تمكنهم من مواجهة تلك التغيرات السريعة في المناخ.
ونظرآ لأهمية تلك القضية علي الحياه الأنسانية بكافة جوانبها سنلقي الضوء في هذه المقالة علي تأثير التغيرات المناخية على الصحة العامة.
تأثير التغيرات المناخية على الصحة العامة
نبدأ أولاً :بتعريف المناخ
المناخ هو حالة الطقس لفترة زمنية طويلة قد تصل إلى حوالي ٣٠ عام.
أما تعريف تغير المناخ:فهي التحولات طويلة العمر في درجات الحرارة وأنماط الطقس، وترجع تلك التغيرات إلي عاملين :
أولاً العامل الطبيعي:
- تفاعلات الأندماج النووي علي سطح الشمس.
- الأنفجارات البركانية الكبيرة.
ثانياً :العامل البشري.
- اكتشاف مصادر الطاقة غير المتجددة مثل الفحم والنفط والغاز.
- الانبعاثات الناتجة عن حرق تلك الأنواع من الوقود.
ومن الجدير بالذكر قبل استعراض أنواع المناخ، لابد من القاء الضوء علي بعض التعريفات الهامة في علم المناخ.
- الوقود الأحفوري:مثل الفحم، والنفط، والغاز وتسمي بذلك الأسم لأنها تتكون من مواد عضوية قديمة تعتبر (أحفورة)، أو بقايا عضوية من العصور البدائية القديمة. ويعتبر هذا النوع من الوقود مصدر رئيسي للطاقة في العالم.
- الغازات الدفيئة: هي الغازات التي تسبب تغير المناخ وهم ثاني أكسيد الكربون، و الميثان. تتسبب تلك الغازات في الاحتباس الحراري وذلك لأنها تحبس حرارة الشمس في الكوكب.
- الاحتباس الحراري: هي زيادة في متوسط درجة حرارة سطح الأرض التي تزيد عندما يزيد تركيز الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي، تمتص هذه الغازات من شعاع الشمس وتحبس المزيد من الحرارة مما يؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة الكوكب.
- أزمة المناخ:هي المشاكل الخطيرة الناجمة عن التغير في مناخ الكوكب مثل: ظاهرة النينو، فقدان التنوع البييولوچي، المخاطر الصحية، تحميض المحيطات وهو ما يعرف بتغير الأس الهيدروجيني المحيط بسبب امتصاص المحيط للأنبعاثات من الغازات الدفيئة.
أنواع المناخ:
وفقا لنظام تصنيف كوبن للمناخ يوجد ٥مجموعات مناخية وهي :
- المناخ الاستوائي وحده يضم ٣ أنواع من المناخات الأستوائية:
وهم المناخ الرطب الاستوائي، وهو مايعرف أيضاً بالغابات المطيرة. يتميز بدرجات حرارة دافئة وهطول دائم للأمطار وهو موجود في البرازيل، وولاية هاواي الأمريكية.
مناطق الرياح الأستوائية :وهو نظام رياح يغير اتجاه كل ٦ أشهر،وهو موجود في دول مثل الهند بنغلاديش.
المناطق الأستوائية الرطبة الجافة :تعتمد الحياه في هذه المناطق علي هطول الأمطار في الموسم الرطب إلي درجة قد تصل إلى حدوث فيضان، أما في السنوات التي يكون هطول الأمطار ضعيف فيعاني السكان من الجفاف.
٢: المناخ الجاف:
هو المناخ الذي يكون فيه فرص تبخر المياه أعلى من فرص هطول الأمطار. يتواجد هذا النوع من المناخ في شمال المكسيك، وغرب الولايات المتحدة الأمريكية، ووسط أستراليا.
٣ : المناخ المعتدل وهو يضم ٣ أنواع من المناخ وهم كالآتي:
- مناخ البحر المتوسط يتميز بصيف دافئ وشتاء قصير معتدل ممطر، يوجد هذا النوع علي شواطئ البحر المتوسط.
- مناخ شبه أستوائي رطب ويكون فيه الصيف حار ورطب، والشتاء شديد البرودة ممطر محمل بألاعاصير العنيفة.
- مناخ الساحل الغربي البحري ويتميز هذاالنوع من المناخ بشتاء أطول وأكثر برودة ، يتواجد بشكل أساسي في الولايات المتحدة الأمريكية.
٤:المناخ القاري:
وهو يضم نوعين
- مناخ الصيف الدافئ.
- المناخ شبه القطبي.
٥: المناخ القطبي:
وهو يضم نوعين من المناخ.
- التندرا.
- الغطاء الجليدي.
هو موجود بشكل أساسي في القطبين الشمالي والجنوبي حيث نادراً ما ترتفع درجات الحرارة عن التجمد حتي في الصيف.
هل التصنيفات السابقة لأنواع المناخ تظل كما هي حتي بعد الأزمة المناخية؟
لا لم تعد كما هي، فالمناخ القطبي مثلا الموجود في القطبين الشمالي والجنوبي أصبح مهدد بذوبان الجليد.
أو حتى مناخ البحر المتوسط أصبح شديد الحرارة صيفا،فكوكب الأرض أصبح أكثر دفئا بنحو 1,1 درجة عما كان عليه في القرن التاسع عشر.
أهمية دراسة علم المناخ
علم المناخ هو العلم الذي يهتم بدراسة وحساب درجات الحرارة والطقس وكذلك أنظمة الضغط والرطوبة في منطقة معينة في فترة زمنية طويلة. تتعين أهمية دراسة علم المناخ للأسباب الآتية:
- التنبؤ بالمشاكل التي ممكن أن تصيب الحياة البشرية علي الكوكب إذا استمر التغير الحادث في المناخ، وكذلك التحذير من تلك التغيرات التي قد تصل في بعض الأحيان إلي تهديد الجنس البشري نفسه ووجوده على سطح الكوكب.
- تحديد الزيادة في معدلات الاعتلال والوفيات الناتجة عن الاحترار العالمي، وتحديد المخاطر التي تنطوي عليها هذه التهديدات الصحية ونطاقها علي نحو أدق.
هل ارتفاع درجات الحرارة هو المقصود بتغير المناخ؟
لا يعد ارتفاع درجات الحرارة هو كل المقصود بالتغيرات المناخية، انما هو بداية المشكلة فقط. ذلك لأن أي تغير في النظام البيئي يؤثر على جميع المناطق الأخرى.
أسباب تغير المناخ وأثاره:
يقع على البشر عاتق تغير المناخ من وقت الثورة الصناعية والتي وقعت في القرن ١٧.
ولكن التغير الأكبر في المناخ يأتي منذ مطلع القرن التاسع عشر.
وذلك نتيجة إلي:-
١- حرق الوقود الأحفوري بسبب كثرة استخدام الفحم، والغاز، والنفط. حيث يزداد تركيز غازي ثاني أكسيد الكربون، والميثان في الغلاف الجوي عند احتراقهم، كما تقوم هذه الغازات بامتصاص جزء من إشعاع الشمس، يلتف كغطاء حول كوكب الأرض ويمنع انعكاس أشعة الشمس في الفضاء مرة أخرى مما ينتج عنه أرتفاع في درجات الحرارة.
٢-إزالة الغابات :-
تتجه استراتيجيات العديد من دول العالم التي تمتلك غابات ضمن أراضيها إلي إزالتها، والاستفادة منها في استثمارات أخري. يؤدي ذلك إلى زيادة انبعاث ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي بدل الأكسجين الناتج عن عملية البناء الضوئي، والذي بدوره يؤدي إلى حدوث الاحتباس الحراري.
٣-الأنشطة الزراعية :-
تؤدي الأنشطة الزراعية، وكثرة أستخدام الأسمدة، وكذلك طرق الري المتبعة إلي زيادة تركيز غاز الميثان في الغلاف الجوي.
٤-تصنيع الأسمنت:-
تساهم هي الأخرى في زيادة انبعاث ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي أثناء عملية أحتراق كربونات الكالسيوم.
٥:-النفايات الصناعية :-
تتنتج المصانع والعمليات الصناعية عموماً العديد من الغازات الدفيئة التي تطلق في الغلاف الجوي مما يؤدي إلى زيادة ظاهرة الاحتباس الحراري.
٦:- الزيادة في عدد السكان:ـ
يزداد عدد سكان العالم عام عن الأخر فيزيد الطلب علي الطعام وكذلك الاحتياجات الأساسية من ملبس ومسكن وغيرها، فتزيد بالتبعية لذلك عدد المصانع مما يساهم في ارتفاع انبعاثات الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي.
وهناك بعض من النتائج التي ترتبت علي الاحتباس الحراري وهي:-
1-الجفاف الشديد وندرة المياه.
٢-الحرائق الشديدة الغابات.
٣-ارتفاع مستويات سطح البحر الفيضانات.
٤-ذوبان الجليد القطبي.
٥-العواصف الشديدة والكارثية.
٦-تدهور التنوع البييولوچي.
٧-ثقب طبقة الأوزون.
تأثيرات التغيرات المناخية علي الصحة العامة :-
تأثير المناخ شمل أيضاً الصحة العامة للإنسان بنوعيها الجسدية والنفسية أيضاً.
تأثير التغيرات المناخية على الصحة الجسدية
أدت ظواهر الطقس شديدة العنف إلي توزيع الخريطة الفطرية والبكتيرية وكذلك الفيروسية علي سطح الأرض فمثلا فطر (كانديدا أوريس) لم يكن قادراً على إحداث المرض للإنسان، ولكن مع استمرار ارتفاع درجة الحرارة أُجبر هذا الفطر علي التكيف فحدث تغيير في الخريطة الوراثية الخاصة به فخلق سلالات جديدة أكثر تطور وأصبح يصيب الإنسان بالمرض، وهناك عديد من حالات الوفاه المسجلة بسبب الإصابة به.
كذلك أضحت البكتيريا تحاول التكيف مع ارتفاع درجات الحرارة المتزايد فحدث تغيير في جيناتها وكذلك الخريطة الوراثية الخاصة بها مما خلق سلالات جديدة أكثر تطورا وشراسة.
أما عن الڤيروسات:-
أدى ارتفاع درجات الحرارة إلى انتقال الأمراض المعدية إلى مناطق لم تكن موطناً لتلك الأمراض من قبل، فمثلاً البعوض المسبب لحمي الضنك، أو ڤيروس زيكا، أو داء شيكونغونيا، أو الملاريا المستقر قديماً في أماكن محددة في وسط أفريقيا ولكن مع التغير المناخي انتقل البعوض إلي الشمال للبحث عن مناخ مناسب.
يؤثر التغير المناخي على قدرات جهاز المناعة لدي الإنسان ويتسبب في إضعافه.
لم يقتصر التأثير فقط علي الأمراض المعدية والفطريات بل تغير المناخ أصبح سبب في انتشار الأمراض غير السارية، مثل أمراض القلب ، وارتفاع ضغط الدم، والسكري، وكذلك أمراض الأوعية الدموية وتجلط الدم.
يؤدي ارتفاع درجة الحرارة إلى زيادة سمك الدم مما يجعله أبطأ، ومع فقدان المياه بسبب التعرق أو التبول يؤدي ذلك إلى الإصابة بجلطات الدم.
وتزيد حالات الوفاه خصوصاً في أفريقيا بسبب الجفاف، والأجهاد الحراري.
تأثير التغيرات المناخية عى الصحة النفسية
يؤثر التغير المناخي علي الحالة النفسية للإنسان عن طريق ٣ طرق وهم :-
- طريقة مباشرة :عند التعرض للظروف القاسية الناتجة عن الاحتباس الحراري تضطر بعض المجتمعات إلى الانتقال من مكان إلى أخر فينتشر بينهم حالة من الغضب والقلق وكذلك الاكتئاب.
وكذلك يتعرض البعض لفقدان أحبائهم بسبب الاجهاد الحراري أو الجفاف فيؤدي إلي بعض الآثار الأكثر خطورة من السابقة مثل كرب ما بعد الصدمة.
- الطريقه غير مباشرة : تكون عن طريق تعطيل الأنشطة الاقتصادية، و الاجتماعية مما يؤدي إلى الاصابة بالاكتئاب، والقلق، والخوف.
- عن طريق الوعي : تزداد معدلات القلق الشديد من المستقبل لدى الأفراد مما يمتلكون وعي كافي عن أخطار الاحتباس الحراري.
أخيراً تناولنا في هذا المقال تأثير التغيرات المناخية على الصحة العامة، فكلما طالت مدة التجاوزات البشرية في حق النظام البيئي للكوكب كلما أضحت المشكلة أكثر خطورة وستكون لارتفاع درجات الحرارة أثار مدمرة لا رجعة فيها، وهذا عندما يصل معدل الاحترار إلي 2,2 درجة مئوية وهذا مرشح حدوثه قريباً إذا زادت التجاوزات البشرية.
كتابة المقال:
دينا سعيد
المراجع: