تأثير التحولات الرقمية على الصحة النفسية

شارك عبر

تأثير التحولات الرقمية على الصحة النفسية  واحدة من أكثر المشكلات شيوعاً في العصر الحديث، لما لها من آثار تخص كل جوانب الحياة الإنسانية عموماً، فهي تعد نتاج طبيعي لعملية التحديث التي بدأت منذ منتصف القرن العشرين تقريباً. وبشكل أساسي نهدف في هذا المقال (التحولات الرقمية وتأثيرها على الصحة النفسية) إلي تحليل التحولات الرقمية من جوانبها المختلفة،وبيان آثارها المختلفة، لتحقيق الاستفادة منها والبعد عن آثارها الضارة. 

تعريف التحولات الرقمية:

التحولات الرقمية تشير إلى مختلف أنواع التطورات التي طرأت علي جميع جوانب الحياة الإنسانية عامة، فكل تعاملتنا اليومية أصبح جزء كبير منها لا يتم إلا بدون استخدام التكنولوجيا، لقد أصبحت التعاملات التجارية، والتعليم الكترونياً، وكذلك الرعاية الصحية الجسدية منها أو النفسية. أي أن التكنولوجيا أصبحت هي الأساس لكل التعاملات المختلفة بين الأفراد وبعضهم  البعض، أو حتى بين الأفراد والحكومات في الدول المختلفة. 

بدأت الثورة الرقمية  من خلال اختراع أجهزة الكمبيوتر، وتطورت لتصبح أكثر سهولة في الاستخدام، ومتاح الاعتماد عليها في أي وقت وأي مكان فأصبح هناك أجهزة الحاسوب المحمولة، والهواتف الذكية، والساعات الذكية التي أصبحت قادرة على قياس ضغط الدم، وحساب عدد ضربات القلب، وحساب الخطوات للأفراد أثناء ممارسة الرياضة. 

تأثير التكنولوجيا علي الأفراد 

احتلت التكنولوجيا الرقمية جزءاً أساسياً من الحياة الاجتماعية للأفراد، فلم تعد خبرات الأشخاص تكتسب من خلال التجربة، أو من توجيهات ونصائح الوالدين فحسب. لكن أصبحت التكنولوجيا الآن هي المسئول الأساسي عن تشكيل وعي المراهقين والشباب في المجتمعات الحديثة. لقد تغير تعريف الجهل عن سابقاً فأصبح الجهل الآن هو عدم قدرة الأفراد علي التعامل مع التكنولوجيا وليس عدم قدرة الفرد على القرأة والكتابة. 

كما يبرز دور التحولات الرقمية وتأثيرها على الصحة النفسية في صنع ذكريات الأفراد، فلقد أصبحت التكنولوجيا جزء أساسي في ذكريات الأفراد سواء في استخدام كاميرات الهواتف الذكية، وكذلك الاحتفاظ بالصور علي مساحات التخزين  في الهواتف، واستخدام ألعاب الفيديو علي الهواتف الذكية أو أجهزة الكمبيوتر. 

فلقد ساعدت الخوارزميات الخاصة بمواقع التواصل الاجتماعي على زيادة ارتباط الأفراد بتلك المواقع، من خلال تتبع مواقع التواصل الاجتماعي للمحتوى الذي يتفاعل معه الفرد، وتبدأ في تكرار ظهور ذلك المحتوى أمامه كلما تصفح الموقع، فيبدأ العقل الباطن لدي الإنسان بالتعود على ذلك كلما أراد أن يخلق لدي الفرد الشعور بالسعادة والطمأنينة. 

لذلك ازداد دور التحولات الرقمية وتأثيرها على الصحة النفسية لدي الأفراد نتيجة لانتشار مواقع التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك، وسناب شات،والتيك توك، وغيرها من وسائل التواصل الاجتماعي. لقد طال تأثير التكنولوجيا على كافة جوانب حياتنا، وأصبح أمر واقع علينا التعامل معه . 

تأثير التحولات الرقمية على الصحة النفسية 

تأثير التحولات الرقمية على الصحة النفسية

تعريف الصحة النفسية :

الصحة النفسية هي حالة من الاستقرار والتوازن النفسي لدي الأشخاص، وهي ما ينتج عنه شعور الشخص بالرضا عن حياته، وقدرته علي التعامل مع ضغوطات الحياة المختلفة ، وكذلك قدرة الشخص علي توجيه انفعالاته، وتبني طريقه تفكير سليمة تمكنه من مواجهة مشكلاته وقدرته علي إيجاد حلول مناسبة لها. كما تشير أيضاً إلى قدرة الشخص علي بناء العلاقات الاجتماعية، والتفاعل معها بشكل جيد من خلال قدرته على التعبير عن مشاعره. واعترافه بأهمية الدعم النفسي واللجوء له عند الحاجة. 

أما عن التحولات الرقمية وتأثيرها على الصحة النفسية فهى تنقسم إلى قسمين. 

القسم الأول :الآثار الصحية للتكنولوجيا الحديثة، أو مجالات استخدام التكنولوجيا الرقمية. 

  • العمل: أُتيحت فرص العمل عن بعد نتيجة لانتشار برامج الإتصال المختلفة، وقد انتشر ذلك التوجه في فترة تفشي فيروس كورونا، وازداد بكثرة الآن، كذلك تسهم التكنولوجيا في تسهيل القيام بالأعمال المختلفة. 
  • الدراسة: أصبح الشخص قادراً على تحسين مهاراته من خلال تلقي مختلف الدورات التدريبية عن بعد، وأصبحت بعض الجامعات لديها برامج يتم تدريسها عن بعد أيضاً دون الحاجة إلى التواجد في الجامعة كل يوم، وتسهيل الوصول إلى المعلومات المختلفة في كل وقت تقريباً مما يساعد البعض على إنجاز المطلوب منهم من أبحاث بشكل أسرع. 
  • التواصل:أصبح من السهل علي الأفراد التواصل بين بعضهم البعض بغض النظر عن المسافات، فقد أضحى العالم قرية صغيرة بفضل برامج التواصل المختلفة، مما يؤدي إلى تقليل الإحساس بالعزلة الاجتماعية.
  • الترفيه:عن طريق الألعاب المختلفة المنتشرة علي الهواتف الذكية، وأجهزة الكمبيوتر. 
  • الصحة النفسية :انتشار بعض التطبيقات التي تساعد الأفراد إلي معرفة حالتهم النفسية، وكذلك قدرة الفرد على طلب الدعم النفسي عن طريق التواصل مع الطبيب عن بعد وعقد الجلسات النفسية وتلقي العلاج. 

 وهناك أيضا بعض تطبيقات الواقع الافتراضي التي تستخدم في علاج بعض حالات القلق الشديد، والاكتئاب

قد يساعد الاستخدام الصحي للتقنية في جعل حياتنا أكثر راحة وسهولة. 

القسم الثاني: الآثار السلبية للتكنولوجيا الحديثة. 

  • التنمر الإلكتروني :هو استخدام الهواتف الذكية في إرسال بعض المقاطع المسيئة، أو الصور المسيئة إلي شخص ما بهدف إيذائه النفسي. 

وهنا لابد من توعية ضحايا التنمر الإلكتروني بكيفية اللجوء إلى الجهات المختصة في دولته لمساعدته في التخلص من ذلك الأمر، وكذلك اللجوء إلى الدعم النفسي إذا احتاج إلى ذلك. 

  • ضعف قدرات العقل البشري :التعود على حفظ المعلومات علي مساحات التخزين علي الهواتف الذكية، وأجهزة الكمبيوتر أدت إلى عدم استخدام قدرات العقل كما يجب، وبالتالي يبدأ ضعفه بالتدريج. 
  • سهولة مقارنة حياة الشخص بحياة الآخرين بسبب اعتياد بعض الأشخاص إلي نشر تفاصيل حياتهم المختلفة على مواقع التواصل الأجتماعي، مثل (فيسبوك) مما أدى إلى عدم رضا الشخص عن حياته  مما يسبب بعض الأمراض النفسية مثل الاكتئاب. 
  • سهولة انتشار الأخبار الكاذبة والإشاعات. 
  • زيادة حالات العزلة، وعدم الاختلاط بالناس والتفاعل معهم. وكذلك زيادة حالات اضطراب  الرهاب الاجتماعي. 
  • شيوع بعض الأضطرابات المختلفة بين الأطفال بشكل أخص مثل تشتت الانتباه ممايؤثر على استيعابهم  وتأخرهم الدراسي بشكل ملحوظ.
  • يؤدي كثرة تصفح مواقع التواصل الاجتماعي والشاشات إلى انتشار حالات القلق والضغط النفسي.
  • يؤدي الضوء  الأزرق الصادر من الهواتف الذكية والشاشات المختلفة إلى اختلال جودة النوم، وعدم انتظام الساعة البيولوجية للجسم. 
  • ادمان مواقع التواصل الاجتماعي: وهي الأعتماد علي مواقع التواصل بشكل مفرط  مما يؤدي إلى ضياع الكثير من الوقت، وكذلك زيادة الشعور بالعزلة الاجتماعية، علي الرغم من سهولة الاتصال بين الأفراد بغض النظر عن المسافات. 

ومما سبق يتضح أن التحولات الرقمية وتأثيرها على الصحة النفسية  متعددة لدرجة كبيرة ، فهي لها العديد المزايا الصحية، إلا أنها تملك الكثير من السلبيات التي من الممكن أن تؤدي إلى أثار كارثية علي الصحة النفسية لدى الأفراد إذا تم استخدامها بصورة خاطئة.

فقد أصبحنا نحتاج بشكل فعلي إلي الكثير من التوعية لتوضيح كيف يمكن التعامل مع التحولات الرقمية وتأثيرها على الصحة النفسية، وكذلك كيفية الاستفادة  من تأثير التكنولوجيا علي المجتمع، من خلال بناء عادات بعيدة عن التكنولوجيا مثل:

  • ممارسة الرياضة يومياً.
  • الحرص على قضاء الوقت مع العائلة والأصدقاء في عالمنا الفعلي، وليس من خلال مواقع التواصل الاجتماعي.
  • ممارسة الهوايات المختلفة مثل القرأة والرسم. 
  • الحرص على الذهاب إلى النوم في وقت معين، وكذلك الاستيقاظ في وقت محدد كل يوم.

نستطيع القول أن التحولات الرقمية وتأثيرها على الصحة النفسية، هو تحول شامل في الحضارة الإنسانية يؤدي إلى خلق تحديات واختيارات لابد للفرد أن يخوض في غمارها ويحسن الاستجابة، حتي يستفيد من الأثار الصحية للثورة الرقمية، دون أن تلحق به سلبياتها. 

كيف تؤثر العلاجات الرقمية علي الصحة النفسية؟ 

يعد من غير الواضح على الإطلاق أفضل السبل لاستخدام العلاجات الرقمية. وقد تم تنفيذها حتى الآن بعدة طرق مختلفة وفي العديد من الإعدادات المختلفة. كان معظمها مصحوبًا بشكل ما من أشكال الدعم، ولكن طبيعة الدعم تباينت بشكل كبير، كما تباينت مؤهلات وتدريب الشخص الذي يقدمه (الذي يُطلق عليه بشكل مختلف “المرشد”، أو “المدرب”، أو”الميسر”، “” أو المعالج” أو “الطبيب”. ونتيجة لذلك، يصعب دمج نتائج البحث وتفسيرها.

الآثار السلبية للعالم الرقمي: 

ازداد مؤخراً انتشار الاضطرابات النفسية الناتجة عن التحولات الرقمية، مثل حالات الرهاب الاجتماعي، وغيرها من الاضطرابات النفسية.

ما هي فوائد التكنولوجيا الرقمية؟ 

من المهم توخي الانتباه لأثر التحولات الرقمية على الصحة النفسية واتخاذ التدابير اللازمة للحد منها، مثل تحديد الوقت المخصص لاستخدام الأجهزة الرقمية، والاستراحة الدورية عن التكنولوجيا، والاستثمار في العلاقات الواقعية والتفاعل الاجتماعي المباشر.

كتابة المقال:

دينا سعيد

المراجع:

https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC5214969/

شارك عبر
Optimized with PageSpeed Ninja