أعراض مرض الزهايمر كثيرة ومتشعبة فهي لا تقتصر على تدهور الذاكرة فقط، أعراض قاسية ليست فقط على المريض بل على المحيطين به كذلك فهي تلقي بظلالها على حياة العائلات.
تخيل شخص شاركت معه أدق التفاصيل الحياتية يبدأ بالتلاشي من بين يديك ليس بالجسد ولكن بالذكريات ينسى الذكريات المشتركة، ينظر إليك بعين تسكنها الحيرة والفراغ.
وتساؤل مؤلم يلوح في الأفق تخشى معرفة إجابته مضمونه هل تتذكرني؟
هذا هو الوجه القاسي لمرض الزهايمر، لذا في هذه المقالة عن أسباب وأعراض مرض الزهايمر وهل يمكن علاجه؟ سنحاول إلقاء الضوء على الأسباب التي تؤدي للإصابة بالزهايمر، وأعراضه، وكيفية العلاج.
ما هو مرض الزهايمر؟
هو مرض عصبي يؤثر على الخلايا العصبية الموجودة بالجهاز العصبي وخاصة الموجودة بالدماغ والحبل الشوكي، الزهايمر معروف أنه يتطور ببطء على مدار سنوات، أي أن الخلايا العصبية تتأثر بشكل بطيء ولكنه مستمر، يؤدي هذا التدهور إلى فقدان تدريجي للقدرات العقلية والجسدية معاً، أى أن الزهايمر يعتبر السبب الأكثر شيوعاً للخرف.
فما هو الفرق بين الخرف والزهايمر؟
أولأ الخرف : هو مصطلح شامل يغطي مجموعة كبيرة من الأمراض التي تسبب فقدان الوظائف العقلية مثل تدهور الذاكرة، تدهور مهارات التفكير، وكذلك حل المشكلات، أي أنه لا يعتبر مرض بحد ذاته بل وضع أو حالة تنتج عن أمراض مختلفة تؤثر على الدماغ مثل الزهايمر، أو خرف أجسام ليوي.
ثانيًا الزهايمر: هو نوع محدد من أنواع الخرف وهو الأكثر شيوعاً بين أنواع الخرف المختلفة حيث أنه يصيب حوالي من ٦٠٪ إلي ٨٠٪ من الحالات.
أي أن الخرف هو المظلة العامة التي تطلق لوصف مجموعة من الأعراض تتأثر فيها القدرات العقلية، أما الزهايمر فهو المرض الأساسي والأكثر شيوعاً بين كل الأمراض التي تؤثر على القدرات العقلية التي تسبب الدخول في حالة الخرف.
أسباب مرض الزهايمر
إلي الأن لا نعرف السبب الأساسي الذي يؤدي إلى الإصابة بمرض الزهايمر ولكن يًُعتقد أن هناك عدد من العوامل التي قد تساعد على الإصابة به نذكر منها :-
١ – خلل وظائف الدماغ : ينتج الخلل بدون سبب واضح بحيث لا يستطيع الدماغ التخلص من بروتين بيتا اميلويد بشكل صحيح وهو بروتين طبيعي ناتج عن عملية تحلل لبروتين آخر وبدل التخلص منه في عملية طبيعية تقوم بها الدماغ يتم إنتاج كميات أكبر منه، مما يؤدي إلى تراكمه بين الخلايا العصبية وتشابكه مع بروتين آخر يدعى تاو موجود بشكل طبيعي داخل الخلايا العصبية، مما يؤدي إلي حدوث خلل في الاتصال العصبي بين الخلايا العصبية وبعضها البعض مما يؤدي إلى خلل في النشاط الكهربي الموجود بالدماغ، يترجم هذا الخلل على هيئة موجات دماغية غير طبيعية ينتج عنها أعراض مرض الزهايمر.
٢-العوامل الوراثية:وجود تاريخ عائلي للإصابة بمرض ألزهايمر على الأخص بين أقارب الدرجة الأولى قد يزيد من خطر الإصابة، أو حدوث أي طفرات چينية قد تؤدي إلى الإصابة بالزهايمر في سن مبكر، ولكن العامل الوراثي لا يلعب دور أساسي في الإصابة فنسبته لا تتعدى ١٪.
٣-الأمراض المزمنة: يرجح أن من لديهم أي من الأمراض المزمنة مثل الضغط المرتفع، أو السكر، وكذلك مشاكل القلب والأوعية الدموية غير المعالجة بشكل جيد تعتبر عامل قوي من عوامل الإصابة بالزهايمر.
هل تعلم ما هو الغذاء الصحي لمرضي السكري؟
٤-التعرض لأي إصابات قوية في الدماغ يزيد من خطر الإصابة بالزهايمر.
٥-بعض الأمراض النفسية مثل الاكتئاب وما ينتج عنه من عزلة اجتماعية خاصة مع تقدم السن يعتبر عامل من عوامل الإصابة.
٦ – نمط الحياة :يعتبر عامل هام من عوامل الإصابة مثل السمنة، والتدخين، وكذلك قلة النشاط البدني.
٧-تقدم السن:أكبر عامل من عوامل الخطر المسببة في ظهور أعراض مرض الزهايمر، ففي الغالب ما يبدأ المرض في عمر ٦٥ عام ويزداد سوءا مع تقدم العمر.
أعراض مرض الزهايمر
معروف أن مرض الزهايمر مرض تدريجي يتطور على مدار سنوات قبل ظهور أي أعراض له، لذا في الغالب ما يتم تقسيم أعراض مرض الزهايمر على ثلاثة مراحل وهم:-
-
المرحلة المبكرة:
في المرحلة المبكرة من المرض في الغالب ما يبدأ المريض في نسيان بعض التفاصيل من أي حدث جديد أي أنه يكون متعلق بالذاكرة قريبة المدى، فنجده ينسى الأحاديث التي دارت بينه وبين الآخرين،وكذلك قد ينسى أسماء الأشخاص خاصة أسماء الأشخاص الجدد، وكذلك يظهر عرض هام وهو متعلق بمهارة الشخص في التخطيط وحل المشكلات.
-
المرحلة المتوسطة:
١-فقدان الذاكرة بشكل أكبر فقد ينسى المريض عنوان منزله، وكذلك التخبط في الأتجاهات.
٢-صعوبة استخدام اللغة المعتاد عليها المريض وعدم قدرته على متابعة المحادثات، أو حتى إيجاد الكلمات المناسبة.
٣-تغيرات السلوك مثل نوبات العصبية الشديدة، الاكتئاب، وكذلك العزلة الاجتماعية.
٤-صعوبة في أداء المهام اليومية البسيطة مثل الطبخ، وكذلك ارتداء الملابس.
٥-نسيان متزايد تجاه الوقت، وكذلك المكان المتواجد فيه الشخص المريض.
-
المرحلة المتأخرة:
في هذه المرحلة عادة ما تختلف أعراض مرض الزهايمر، وكذلك سرعة تدهور المرض وتظهر الأعراض في شكل:
١-نسيان الشخص لكافة الأشخاص المقربة منه.
٢-ضعف العضلات مما ينتج عنه صعوبة في المشي أو الجلوس.
٣-ضعف في العضلات الإرادية الخاصة بالمثانة، وكذلك الأمعاء والمستقيم.
تشخيص مرض الزهايمر
تتشابه أعراض مرض الزهايمر على الأخص في مراحله المبكرة مع أعراض لأمراض أخرى، لذا في الغالب ما يتم استخدام طريقة التشخيص الاستبعادي للتأكد من إصابة المريض من عدمه.
فما هي طرق تشخيص مرض الزهايمر؟
- تقييم الحالة الصحية للمريض.
عند التوجه للطبيب المختص وفي زيارتك الأولى عادة ما يقوم الطبيب بالسؤال عن حالتك الصحية وعن ما إذا كنت تعاني من أي أمراض مزمنة، وكذلك الأدوية التي تقوم بتناولها، بالإضافة إلى الأعراض الحالية التي تعاني منها ووقت ظهورها كذلك، وما إذا كان هناك إصابة سابقة بالزهايمر لأي من أقارب الدرجة الأولى.
- تقييم القدرات المعرفية.
يطلب الطبيب من المريض إجراء بعض الاختبارات الخاصة بالذاكرة، والتركيز، وكذلك القدرة على استخدام اللغة، وبعض المهارات العقلية الأخرى مثل مهارات حل المشكلات والتخطيط وغيرها، وذلك لتحديد مستوى الأداء المعرفي.
- الفحوصات المخبرية.
في الأساس يطلبها الطبيب لاستبعاد وجود أي مشكلات أخرى قد تؤثر على الدماغ مثل خلل بعض الهرمونات، أو نقص بعض الفيتامينات ومن أهمها نقص فيتامين B12 حيث يلعب دور هام في صحة الأعصاب ووظائف الدماغ.
- التصوير العصبي.
تكون عن طريق إجراء أشعة الرنين المغناطيسي، وكذلك الأشعة المقطعية للوقوف على أي خلل يخص بنية الدماغ والتي عادة ما تكون مميزة للزهايمر.
وكذلك استخدام بعض التقنيات الأخرى لتحديد أي تغيرات في نشاط الدماغ.
- الاختبارات الچينية.
هي لا تعتبر من ضمن الوسائل التشخيصية شائعة الاستخدام ولكن يتم الاعتماد عليها و اللجوء لها إذا كانت أعراض مرض الزهايمر ظهرت في سن مبكرة.
علاج مرض الزهايمر
للأسف حتى الأن لا يوجد علاج نهائي قادر على الشفاء من المرض، لذا عند تأكيد الإصابة بالزهايمر عادة ما يقوم الطبيب باستخدام الآتي:-
١-العلاج الدوائي :لمحاولة التحكم في الأعراض، وتحسين الوظائف الإدراكية للمخ وكذلك الوظائف المعرفية، بالإضافة إلى أدوية أخرى لتقليل تأثيرات الاضطراب في أنظمة الدماغ.
٢-العلاج النفسي: وذلك لعلاج أي اضطرابات نفسية متوقعة مثل القلق والاكتئاب، وكذلك تقديم الدعم اللازم للمريض وعائلته إذ لزم الأمر في مواجهة التحديات اليومية.
٣- العلاج غير الدوائي : يحتاج المريض إلى ممارسة التمارين الرياضية حسب الاستطاعة، والتفاعل الاجتماعي، وكذلك استخدام وسائل تنمية المهارات الإدراكية والمعرفية وذلك للحفاظ على القدرات العقلية لأطول فترة ممكنة.
في الختام، أعراض مرض الزهايمر تؤثر بشكل كبير على المريض وعائلته وتدخل في عمق الحياة اليومية، وكذلك تؤثر على جودة حياتهم، لكن مع التشخيص المبكر والدعم النفسي اللازم يصبح المريض قادر على التحكم في حياته قدر الإمكان.
ويبقي الأمل في التقدم العلمي ومحاولاته المستمرة في إنقاذ حياة الكثيرين من الزهايمر.
كتابة المقال:
دينا سعيد
المصادر:-